لبعض الأصحاب فتوى في كتاب له، أو قول قد رجع عنه في كتاب له آخر، ذكرته فإن كان قد أورده على جهة الرواية لا بمجرد العمل ذكرته، فكثيرا ما يوجد لأصحابنا في كتبهم ذلك، حتى أن قليل التأمل، ومن لا بصيرة له بهذا الشأن يحتج به، ويجعله اعتقادا له ومذهبا يدين الله تعالى به، أو قد ذكر ذلك وأودعه كتابه على جهة الحجاج على خصمه، لأنه عند خصمه حجة وإن لم يكن عنده كذلك، فقد قال الشيخ السعيد الصدوق أبو جعفر الطوسي (رضي الله عنه، وتغمده الله تعالى برحمته) ذكر ذلك في عدته جوابا لسؤال يسأل نفسه، فقال: ليس كل الثقات نقل حديث الجبر والتشبيه، ولو صح أنه نقله، لم يدل على أنه كان معتقدا لما تضمنه الخبر، ولا يمتنع أن يكون إنما رواه ليعلم أنه لم يشذ عنه شئ من الروايات، لا لأنه يعتقد ذلك وقال رضي الله عنه في هذا الكتاب المشار إليه: وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم السلام من الأحاديث المختلفة التي يختص الفقه في كتابي المعروف بالاستبصار، وفي كتابي تهذيب الأحكام، ما يزيد على خمسة آلاف حديث، وذكرت في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بها، وذلك أشهر من أن يخفى، حتى أنك لو تأملت اختلافهم في هذه الأحكام، وجدته يزيد على اختلاف أبي حنيفة والشافعي ومالك. هذا آخر كلام الشيخ أبي جعفر رحمه الله.
وذكر الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان رضي الله عنه في جواب سائل سأله فقال: كم قدر ما تقعد النفساء عن الصلاة؟ وكم مبلغ أيام ذلك؟ فقد رأيت في كتابك كتاب أحكام النساء أحد عشر يوما، وفي الرسالة المقنعة ثمانية عشر يوما، وفي كتاب الأعلام أحد وعشرين يوما، فعلى أيها العمل دون صاحبته؟ فأجابه بأن قال: الواجب على النفساء أن تقعد عشرة أيام، وإنما ذكرت في كتبي ما روي من قعودها ثمانية عشر يوما، وما روي في النوادر استظهارا بأحد وعشرين يوما، وعملي في ذلك على عشرة أيام، لقول الصادق