تلك الفائتة، في ذلك الوقت بعينه، وقد تعين الوجوب وضاق، فإذا صلى في هذا الوقت غير هذه الصلاة، كان مصليا لها في غير وقتها المشروع لها، فيجب عليه الإعادة لا محالة فإن قيل: وجوب الإعادة يحتاج إلى دليل. فقد ذكرنا الدليل على ذلك.
فإن قيل: فقد أوقعها مكلفها بنيتها المخصوصة، وأتي بجميع أحكامها، وشروطها في وقت يصح فعلها فيه بإجماع، فإعادتها بعد فعلها على هذا الوجه يحتاج إلى دليل.
قيل له: لا نسلم أنه أوقع هذه الصلاة على جميع شرائطها المشروعة، وفي وقت يصح فعلها فيه، لأن من شرط هذه الصلاة مع ذكر الفائتة، أن يؤدي بعد قضاء الفائتة، فالوقت الذي أداها فيه وقت لم يضرب لها الآن، وإن كان يصح أن يكون وقتا لها لو لم يذكر الفائتة، وهذا مما لا شبهة فيه للمتأمل، وأيضا فالفائتة وقتها مضيق، والإتيان بها بعد الذكر لها، واجب مضيق، والمؤداة قبل تضيق وقتها، الإتيان بها واجب موسع له بدل وهو العزم على أدائه قبل تضيق وقته وخروجه، الفائت واجب مضيق لا بدل له، فالواجب فعل الفائت المضيق الذي لا بدل له، وترك الواجب الموسع الذي له بدل يقوم مقامه، إلى أن يتضيق وقته، وكل ما منع من الواجب المضيق، فهو قبيح بغير خلاف، والمؤداة تمنع من الواجب المضيق، ففعلها لا يجوز، لأنه قبيح منهي عنه، مثاله رد الوديعة بعد مطالبة صاحبها بها، فإنه واجب مضيق، فلما زالت الشمس طالب بالوديعة صاحب المودع، فقام إلى صلاة الظهر ليصليها بعد مطالبة صاحبها بها، فإذا صلى والحال ما وصفناه، فإن صلاته باطلة بلا خلاف، لأنه عدل من فعل واجب مضيق إلى فعل واجب موسع، فمنع من الواجب المضيق، فكان قبيحا على ما قررناه، ولنا في المضايقة كتاب خلاصة الاستدلال، على من منع من صحة المضايقة بالاعتلال، بلغنا فيه إلى أبعد الغايات وأقصى النهايات، بسطنا القول فيه، وجنحناه وتغلغلنا في شعابه، وذكرنا فيه ما لم يوجد في كتاب بانفراده، فمن