وليس لأحد أن يقول: إن المصلي في حال اشتباه القبلة عليه، لا يقدر على التوجه إلى القبلة، فالآية مصروفة إلى من يقدر على ذلك، لأن هذا القول تخصيص لعموم الآية بغير دليل، ولأنه إذا تبين له الخطأ في الوقت، فقد زال الاشتباه، فيجب أن تكون الآية متناولة له، ويجب أن يفعل الصلاة إلى جهة القبلة.
فإن تعلقوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه (1).
فالجواب عن ذلك، إنا نقول: إن خطأه مرفوع، وإنه غير مؤاخذ به، وإنما يجب عليه الصلاة، بالأمر الأول، لأنه لم يأت بالمأمور به.
فإن تعلقوا بما روي من أن قوما أشكلت عليهم القبلة، لظلمة عرضت، فصلى بعضهم إلى جهة، وبعضهم إلى غيرها، وعلموا ذلك، فلما أصبحوا رأوا تلك الخطوط إلى غير القبلة، ولما قدموا من سفرهم، سألوا النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك، فسكت، فنزل قوله تعالى: " فأينما تولوا فثم وجه الله " (2) فقال النبي صلى الله عليه وآله أجزأتكم صلاتكم (3).
والجواب عن ذلك: إنما نحمل هذا الخبر، على أنهم سألوه عن ذلك بعد خروج الوقت، وهذا صريح في الخبر، لأنه كان سؤالهم بعد قدومهم من السفر، فلم يأمرهم صلى الله عليه وآله بالإعادة، لأن الإعادة على مذهبنا لا تلزم بعد خروج الوقت.
وهذه الأدلة أوردها السيد المرتضى رحمه الله على المخالفين محتجا بها عليهم، ونعم ما أورد، ففيه الحجة وطريق المحجة.