مستعملا في أحد الأعضاء دون جميعها لزمكم أن يكون مستعملا في بعض العضو.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: هذا آخر كلام المرتضى رحمه الله، ألا ترى إلى قوله: لأن حكم الحدث لا يزول، والطهارة لا تتم إلا بغسل كلها، لأنها تجري مجرى العضو الواحد، فإذا كانت تجري مجرى العضو الواحد، فغسل بعضها غير معتد به، وبقية بعضها مثل بقيتها جميعها، وحكمه حكمها قبل الشروع فيها، فليلحظ ما قد حققه رضي الله عنه.
وقد يوجد في بعض الكتب، إن للجنب أن يغسل رأسه بالغداة، ثم يغسل سائر جسده بالعشي، فيعتقد من يقف على ذلك أن المراد بالعشي دخول الليل والعشاء الأول، والمراد بالعشي في هذا الموضع خلاف ما اعتقده من يعتقده، بل المراد بالعشي هنا آخر النهار. قال حميد بن ثور الهلالي:
- فلا الظل من برد الضحى نستطيعه * ولا الفئ من برد العشي نذوق - وإن ارتمس الجنب ارتماسة واحدة أجزأه، ويسقط الترتيب وقال بعض أصحابنا: يترتب حكما، وليس بواضح، بل الأظهر سقوط الترتيب، للإجماع الحاصل على ذلك، وأحكام الشريعة تثبتها بحسب الأدلة الشرعية.
والمستحب أن يفيض على رأسه ثلاث أكف من الماء، ويغسل رأسه بها، وما يليه من عنقه، ويخلل شعر رأسه، وشعر لحيته، ويميزه، حتى يصل الماء إلى أصوله، ثم يأخذ ثلاث أكف لجانبه الأيمن، فيغسل بها من عنقه إلى تحت قدمه الأيمن، ثم يأخذ ثلاث أكف لجانبه الأيسر، فيفعل فيه كما فعل بالجانب الأيمن، وكف واحد هو الواجب إذا استوعب العضو المغسول به، فإن لم يستوعبه، فالواجب عليه الزيادة على ذلك حتى يغسله جميعه ويستوعبه غسلا، ولو بلغت الزيادة مائة كف مثلا، بل المستحب بعد استيعاب العضو المغسول، كفان آخران، ويمر يديه على جميع جسده، ويجتهد في وصول الماء إلى جميع بشرته، والبشرة هي ظاهر الجلد.