والثاني ان نسبتها إلى الباري ان كانت اتحادية يلزم كون الواجب تعالى ذا ماهيات غير الوجود بل ذا ماهيات متعددة متخالفة وسيجئ ان لا ماهية له تعالى سوى الانية وان كانت النسبة بينها وبين الواجب تعالى تعلقية وتعلق الشئ بالشئ فرع وجودهما وتحققهما فيلزم ان يكون لكل ماهية من الماهيات وجود خاص متقدم على انتسابها وتعلقها إذ لا شبهه في أن حقائقها ليست عبارة عن التعلق بغيرها فانا كثيرا ما نتصور الماهيات ونشك في ارتباطها إلى الحق الأول وتعلقها به تعالى بخلاف الوجودات إذ يمكن ان يقال إن هوياتها لا يغاير تعلقها وارتباطها إذ لا يمكن الاكتفاء بنحو من انحاء الوجود الا من جهة العلم بحقيقة سببه وجاعله كما بين في علم البرهان وسنبين في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
الثالث ان وجودات الأشياء على هذه الطريقة أيضا متكثرة كالموجودات الا ان الموجودات أمور حقيقية والوجودات بعضها حقيقي كوجود الواجب وبعضها انتزاعي كوجودات الممكنات فلا فرق بين هذا المذهب والمذهب المشهور الذي عليه الجمهور من المتأخرين القائلين بان وجود الممكنات انتزاعي ووجود الواجب عيني لأنه تعالى بذاته مصداق حمل الموجود بخلاف الممكنات الا ان الامر الانتزاعي المسمى بوجود الممكنات يعبر عنه في هذه الطريقة بالانتساب أو التعلق أو الربط أو غير ذلك فالقول بان الوجود على هذه الطريقة واحد حقيقي شخصي والموجود كلى متعدد دون الطريقة الأخرى لا وجه له ظاهرا بل نقول لا فرق بين هذين المذهبين في أن موجودية الأشياء ووجودها معنى عقلي ومفهوم كلى شامل لجميع الموجودات سواء ا كان ما به الوجود نفس الذات أو شيئا آخر ارتباطيا كان أو لا فان اطلق الوجود على معنى آخر وهو الحق القائم بذاته لكان ذلك بالاشتراك وسيأتيك تفصيل المذاهب في موجودية الأشياء