اثر الجاعل دون الوجود قال في بعض تعاليقه ان حقيقة الواجب عندهم هو الوجود البحت القائم بذاته المعرى في ذاته عن جميع القيود والاعتبارات فهو اذن موجود بذاته متشخص بذاته عالم بذاته قادر بذاته أعني بذلك ان مصداق الحمل في جميع صفاته هويته البسيطة التي لا تكثر فيها بوجه من الوجوه ومعنى كون غيره موجودا انه معروض لصحة من الوجود المطلق بسبب غيره بمعنى ان الفاعل يجعله بحيث لو لاحظه العقل انتزع منه الوجود فهو بسبب الفاعل بهذه الحيثية لا بذاته بخلاف الأول.
ثم قال بعد كلام تركناه هذا المعنى العام المشترك فيه من المعقولات الثانية وهو ليس عينا لشئ منهما حقيقة نعم مصداق حمله على الواجب ذاته بذاته كما مر ومصداق حمله على غيره ذاته من حيث هو مجعول الغير فالمحمول في الجميع زائد بحسب الذهن الا ان الامر الذي هو مبدء انتزاع المحمول في الممكن ذاته من حيثية مكتسبه من الفاعل وفي الواجب ذاته بذاته فإنه كما سبق عندهم وجود قائم بذاته فهو في ذاته بحيث إذا لاحظه العقل انتزع منه الوجود بخلاف غيره انتهى.
والحاصل ان موجودية الماهيات الامكانية عندهم اما بانضمام شئ اليه وهو الوجود كما هو المنقول عن المشائين واما بإفادة الفاعل نفس الماهية كما هو المشهور عن الاشراقيين واما بجعلها مرتبطة ومنتسبة إلى نفسه كما هو مذهب طائفه من المتألهين والأول باطل عند هؤلاء والثاني بما ذكرناه فبقي وتعين لهم الثالث فيكون المجعول كون الماهية مرتبطه يعنى الهيئة التركيبية فيثبت عليهم تعلق الجعل المؤلف وتخلله بين الماهية والوجود.
طريق آخر في فسخ هذا الرأي لو كانت الماهية بحسب قوام ذاتها مفتقره إلى الجاعل لزم كون الجاعل مقوما لها في حد نفسها فيتقدم عليها تقدم الذاتي على ذي الذاتي اي التقدم بالماهية كما هم معترفون به فيلزم ان لا يمكن تصور الماهية مع قطع النظر عن الفاعل وارتباطها به وليس كذلك فانا قد نتصور