الذي بعد العقل الأول كما أن امكان العقل الأول انما يكون بالقياس إلى الوجود الذي بعد الوجود الواجب وهكذا القياس في سائر المبدعات وسيأتي لك ما في هذا المقام من الكلام وان لم يكن مثل هذه الامكانات كافيا في الفيضان بل لا بد مع ذلك من شروط أخرى زائده على أصل الماهية حتى تصير مستعدة لقبول الوجود فلمثل هذا الممكن قسمان من الامكان أحدهما ذاتي للماهية وهو كونه بحسب الماهية بحال لا يلزم من فرض وجوده ولا من فرض عدمه محال والاخر استعدادي وهو أيضا هذا المعنى (1) بالقياس إلى نحو خاص من وجوده وذلك لا يحصل الا عند اجتماع الشرائط وارتفاع الموانع فما قيل إن هذا معنى آخر (2) من الامكان ليس بصحيح نعم هما مختلفان بالموضع كما ستعلم في مباحث القوة والفعل.
ثم اعلم أن تلك الشرائط لا بد أن تكون سابقه على وجود هذا الممكن سبقا زمانيا والا فلا يكون الحادث حادثا هذا خلف ولا بد ان يكون لحصول هذا الاستعداد من حوادث سابقه لا تنتهى إلى حد ولا بد أيضا (3) من امر متجدد الذات والهوية يكون حدوثه وانقضائه من الصفات الذاتية له ثم إنه لا بد من محل لتلك الحوادث ليصير بسببها تام القبول لما يحدث بعده وذلك هو المادة