عندنا اليه البرهان فالشئ انما يتعين بوجوده الخارجي أو الذهني ومع قطع النظر عن الوجودين ليس له حقيقة أصلا لا جوهرية ولا عرضيه ولا مبهمه ولا معينه فإذا وجد فإن كان من حيث الوجود لا يستدعى موضوعا يقوم به كان جوهرا والا لكان عرضا وكذا بالنظر إلى وجوده الذاتي إن كان قابلا للابعاد كان جسما وإن كان مقتضيا للنمو والتغذي كان ناميا وقس عليه الحساس والمتحرك والناطق والصاهل فظهر ان انتزاع هذه الذاتيات من الذات انما يمكن بشرط وجود تلك الذات في الخارج تحقيقا أو تقديرا وإذا لم تلاحظ وجودها الخارجي بل لوحظت بشرط الوجود الذهني صلحت لان ينتزع منها الذاتيات العرضية من العلم والكيف وأمثالهما وان لوحظت بشرط مطلق الوجود من غير ملاحظه خصوص أحد الوجودين (1) لم يصلح لان يشار إليها وتعين لها حقيقة من الحقائق ولا يحيط بها تعبير الألفاظ وتادى العبارات وتحديد الإشارات بل يكون لها الاطلاق الصرف واللاتعين البحت فإذا تقرر هذا فنقول معنى انحفاظ الماهيات وعدم انفكاك الذاتي عن ذي الذاتي في الوجودين (2) هو ان الذهن عند تصور الأشياء انما يلاحظ هذه الصورة الذهنية العرضية لا من حيث وجودها الذهني بل يلاحظها من حيث وجودها العيني الخارجي الذي به تعين مقولته من حيث إنه جوهر مثلا وجسم ونام ويحكم عليها
(٣٢٢)