الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٣٢٢
عندنا اليه البرهان فالشئ انما يتعين بوجوده الخارجي أو الذهني ومع قطع النظر عن الوجودين ليس له حقيقة أصلا لا جوهرية ولا عرضيه ولا مبهمه ولا معينه فإذا وجد فإن كان من حيث الوجود لا يستدعى موضوعا يقوم به كان جوهرا والا لكان عرضا وكذا بالنظر إلى وجوده الذاتي إن كان قابلا للابعاد كان جسما وإن كان مقتضيا للنمو والتغذي كان ناميا وقس عليه الحساس والمتحرك والناطق والصاهل فظهر ان انتزاع هذه الذاتيات من الذات انما يمكن بشرط وجود تلك الذات في الخارج تحقيقا أو تقديرا وإذا لم تلاحظ وجودها الخارجي بل لوحظت بشرط الوجود الذهني صلحت لان ينتزع منها الذاتيات العرضية من العلم والكيف وأمثالهما وان لوحظت بشرط مطلق الوجود من غير ملاحظه خصوص أحد الوجودين (1) لم يصلح لان يشار إليها وتعين لها حقيقة من الحقائق ولا يحيط بها تعبير الألفاظ وتادى العبارات وتحديد الإشارات بل يكون لها الاطلاق الصرف واللاتعين البحت فإذا تقرر هذا فنقول معنى انحفاظ الماهيات وعدم انفكاك الذاتي عن ذي الذاتي في الوجودين (2) هو ان الذهن عند تصور الأشياء انما يلاحظ هذه الصورة الذهنية العرضية لا من حيث وجودها الذهني بل يلاحظها من حيث وجودها العيني الخارجي الذي به تعين مقولته من حيث إنه جوهر مثلا وجسم ونام ويحكم عليها

(1) حقيقة الوجود المطلق البسيط النوري لم يصلح لان يشار إليها لان الإشارة تنال المتعينات وتلك الحقيقة بذاتها لا تعين لها وان كانت عين الهوية وليس الكلام فيها بل الكلام في الماهية المطلقة المبهمة المأخوذة معها وقد علمت أن المتعينات منها اعتبارية فضلا عن المطلقة المبهمة التي هي من المعقولات الثانية ففرق بين ما لا يقبل الإشارة ولا يحيط به العبارة من لا شيئية وبين ما لا يقبلهما من فرط الشيئية والتحصل والنورية فقوله بل يكون لها الاطلاق الصرف قضية موجبه ولا وجود لموضوعها س ره (2) هذا معنى آخر لانحفاظ الذاتي إذ قد ظهر أولا ان معناه انحفاظ الماهية المطلقة التي لوحظت بشرط مطلق الوجود وقد ترقى هاهنا باثبات انحفاظ ذاتيات الحقيقة الخارجية التي هي مرتبه من الماهية المطلقة في الحقيقة الذهنية باخذها آله لحاظ الخارجية فيجرى على الذهنية احكام الخارجية وذاتياتها كما يسرى إلى الخارجية احكام الذهنية فالماء الذهني مثلا جوهر بجوهرية الماء الخارجي وهكذا جسميته وسيلانه ونحوهما س ره
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»
الفهرست