بل ينتقل إلى الدائن وهو ملك للوكيل، ويظهر الثمرة فيما لو كان مديونا لذمي فوكل ذميا آخر في أداء دينه فأداه بما لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير فإنه يصح على ما ذكرنا بخلاف ما لو صار ملكا للموكل قبل الدفع. وكذا يجوز أن يوكل غيره في أداء ما عليه من الخمس أو الزكاة تبرعا أو بعوض، إذ لا يلزم أن يكون أداء الخمس والزكاة من مال من عليه. بل وكذا يجوز أن يوكله في شراء شئ له من ماله، بناءا على المختار من جواز الشراء لنفسه بمال غيره مع إذنه، وعدم منافاته لحقيقة البيع والشراء.
ودعوى: عدم صحته للزوم دخول المعوض في ملك من خرج عن ملكه العوض، ممنوعة، فإن حقيقة البيع ليست إلا المبادلة بين المالين، وأما دخول المعوض في ملك من خرج عن ملكه العوض فمقتضى إطلاقه لا حقيقته.
وعلى ما ذكرنا فلا يلزم في التوكيل المزبور قصد كون العوض قرضا قبل الشراء أو الشراء في ذمة الموكل ثم الدفع من مال نفسه وفاءا عما في ذمة الموكل. وعلى فرض منافاته لحقيقة البيع يمكن الحكم بالصحة أيضا، بدعوى أن نفس جعله ثمنا يكون قرضا قهرا ولا يلزم قصده قبله.
(مسألة 8): لو كان لرجل دين على آخر فوكله في أن يشتري شيئا بذلك الدين فاشترى له، فإما أن يكون الشراء بنفس ذلك الدين بأن جعل الثمن هو الدين الذي في ذمته، وإما بأن عين مقدارا مساويا لما في ذمته واشترى بذلك المقدار، وإما بأن اشترى في ذمة الموكل ثم عين مقدارا لأداء ما في ذمة الموكل من الثمن، والمفروض أن الموكل لم يعين واحدا من هذه الصور بل أطلق التوكيل; فعلى الأول البيع صحيح وتبرأ ذمته من طرق الموكل ويكون مديونا للبائع، وكذا على الثاني فإنه يصح البيع وتبرأ ذمته من طرف الموكل ويجب عليه تسليم ما جعله ثمنا إلى البائع; وعلى الثالث البيع صحيح لكن لا تبرأ ذمته من طرف الموكل إلا بعد تسليم الثمن إلى البائع لأن الدين لا يتعين إلا بقبض