الخندق في إيجابياته الظاهرة:
قد تحدثنا في غزوة أحد في الفصل الأول منها، في فقرة: ما هو رأي النبي صلى الله عليه وآله في أحد، ما يفيد الاطلاع عليه في فهم إيجابيات البقاء في المدينة، والتمنع فيها، فيرجى مراجعة ما ذكرناه هناك أما هنا، فتقول: انه لم يطل بالمسلمين الامر، حيث إنهم سرعان ما ادركوا: ان حفر الخندق هو ذلك التدبير الذكي الرائع الذي فوت على عدوهم ما كان يحلم به من منازلتهم ومكافحتهم إلى درجة الحاق الهزيمة بهم ثم استئصالهم وإبادة خضرائهم، وتقويض عزهم وقد اعطى الخندق المسلمين القدرة على ممارسة التسويف في الوقت، وهو الامر الذي لم يكن المشركون قادرين على تحمل التسويف فيه إلى أجل غير مسمى وقد رأى المسلمون بأم أعينهم:
1 - كيف ان عدوهم لم يستطع الصبر طويلا، بسبب بعده عن مصادر الامداد البشري والتمويني، مع ملاحظة محدودية طاقاتهم التموينية، لعدم امكان توفير مدخرات كافية لهذا العدد الهائل من الناس، ولكل ما معهم من خيل وظهر كانوا بحاجة إليه في حربهم فان منطقة الحجاز لم تكن قادرة - بحكم طبيعة حياة الناس فيها - على توفير هذا النوع من القدرات والامكانات بهذا المستوى الكبير والحجم الهائل - ولا أقل من أن المشركين لم يفكروا مسبقا بإيجاد خطوط تموين لحرب طويلة الأمد. ولا خططوا أبدا لمثل هذه