الحرب، كما أنهم لم يعتادوا حروبا كهذه ولا ألفوها، فمن الطبيعي - والحالة هذه - ان يملوا حربا كهذه، وينصرفوا عنها 2 - إن هذا الخندق قد استطاع ان يحفظ لهم وجودهم وكرامتهم، فلم يسجل عليهم عدوهم نصرا وقد كبت الله به عدوهم وردهم بغيظهم لم ينالوا شيئا مما كانوا يحلمون به، دون ان يكلف ذلك المسلمين خسائر تذكر، وحرم المشركين بذلك من امكانية اشراك اعداد ضخمة في المواجهات مع المسلمين 3 - ثم وجد المسلمون أنفسهم بعد ذلك امام فرص أكبر، وحظ أوفر من ذي قبل، واستمروا يواصلون جهدهم وجهادهم للحصول على المزيد من أسباب القوة، والمنعة، والعمل على اضعاف عدوهم وتقويض هذا التوافق فيما بين فئاته لصالح بقاء هذا الدين، وترسيخ دعائمه وأركانه 4 - إنه صلى الله عليه وآله قد جمع بين أن خندق على المدينة وبين جعل جبل سلع خلف ظهر المسلمين - كما سنرى - فيكون بذلك قد استفاد من الموانع الطبيعية، ثم أحدث مانعا مصطنعا من الجهة الأخرى، لتكتمل خطته بحرمان العدو من أية فرصة للنيل من صمود المسلمين، أو إحداث أي إرباك، أو تشويش، أو خلخلة، أو مناطق نفوذ وتسلل في صفوفهم وأخيرا، فنجد نصا عن سلمان الفارسي يصرح فيه بالمبررات لحفر الخندق، فهو يقول:
" يا رسول الله، إن القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة.
قال: فما نصنع؟
قال: نحفر خندقا يكون بيننا وبينهم حجابا، فيمكنك منعهم في