واستطاع أهل الكتاب ان يمسكوا بعواطف الناس، البسطاء والسذج والجهلة باستخدام طريقة التهويل والإحالة على الغيب الذي يضعف أقوى الناس امامه إذا كان يلامس مصيره ومستقبله بصورة أو أخرى والملفت هنا: ان يستغل زعماء قريش هذه الفرصة للاستفادة من هذا الانبهار من أجل سوق الناس بالاتجاه الذي يريدون، ويرون انه يتحقق لهم مأربهم، ويوصلهم إلى أهدافهم الشريرة فيطلبون من الناس: ان يسألوا اليهود عن الاهدى من الفريقين:
أهم بشركهم وضلالاتهم؟ أم محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به من عند ربه من الهدى؟ ويأخذ أبو سفيان هنا زمام المبادرة ليلقي سؤاله بطريقة فنية وذكية، حينما ضمن كلامه خليطا من الأمور التي ترضي آنئذ غرور الانسان العربي والقرشي على وجه الخصوص، بملاحظة طبيعة حياته، وعاداته وموقعه، ككونهم ينحرون الجزور الكوماء، ويسقون الحجيج، وكونهم عمار البيت، ثم هم يعبدون الأوثان فيفهم اليهود ما يرمي إليه ويناغمونه الكيد والتزوير. ويحكمون لهم بأنهم أولي بالحق من محمد بالاستناد إلى نفس ما أراد أبو سفيان ان يستندوا إليه والقى إليهم به الحارث بن عوف ينصح قومه:
ويستوقفنا هنا ما قاله الحارث بن عوف لقومه، وهو ينهاهم عن المسير إلى حرب محمد (صلى الله عليه وآله)، فإنها نصيحة مهمة تعبر عن ادراك حقيقي لما يجري، ثم هو يقيم الواقع بصورة متوازنة، وعاقلة، حيث