2 - ونبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان يعرف تماما حقيقة ما يفكر به المشركون، واليهود والمنافقون، وسائر القوى التي تحيط به. ثم هو يعرف طبيعة تركيبتهم السياسية، والاجتماعية وواقعهم الثقافي والاقتصادي. ثم هو يعرف نهجهم، وأساليبهم وطموحاتهم وطريقتهم في الحياة وقد أثبتت له التجربة الحسية في أكثر من موضع وموقع ما ينطوون عليه من غدر وخيانة، ومن روح أنانية وتآمرية حاقدة وشريرة وغير ذلك من أوضاع وحالات وهذا الواقع العدائي، والروح التآمرية، وتلك الأعمال الخيانية التي كانت تهيمن على أعداء الله والانسانية، قد فرضت على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين أن يعيشوا حالة الحذر القصوى، فكان أن بث رسول الله (صلى الله عليه وآله) عيونه وارصاده في طول البلاد وعرضها في الجزيرة العربية، هذا بالإضافة إلى ما كان يلمسه (صلى الله عليه وآله) من التسديد بالوحي والالطاف الإلهية به (صلى الله عليه وآله) وبالمسلمين في الفترات الحرجة، والخطيرة وهذا ما يفسر لنا ما نشهده من معرفة النبي التامة بواقع ما يجري حوله، فلم يكن ليفاجئه أمر داهم، بل كان هو الذي يفاجئ أعداءه ويباغتهم. إما يسبقه لتوجيه الضربة الأولى لهم، وإما بمواجهتهم بالخطة التي تبطل كيدهم، وتفشل مؤامراتهم، ومكرهم السئ، ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله وهذا بالذات هو ما حصل في حرب الخندق، حيث فاجأ المشركين بحفر الخندق حول المدينة، وتحصين سائرها، الامر الذي احبط خطتهم، وتسبب لهم بالفشل الذريع، والخيبة القاتلة والمريرة
(٧٤)