طريقة استشارته (صلى الله عليه وآله) أصحابه:
هذا، ولا نرى اننا بحاجة إلى التذكير بمبررات مشاورة النبي (صلى الله عليه وآله) أصحابه، في أمر الحرب، فقد تحدثنا عن ذلك، وعن أسبابه وآثاره الايجابية في أوائل غزوة أحد غير اننا نشير هنا إلى أننا نلمح في طريقة مشاورة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه خصوصيتين رائعتين تجلتا لنا في النص الذي ذكره الواقدي إحداهما: إنه صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي بادر إلى اقتراح حفر الخندق ثم انتظر مبادرة سلمان الاقناعية، متعمدا أن تسير الأمور بهذه الطريقة، سياسة من (صلى الله عليه وآله) لأصحابه، وترويضا لعقولهم، واعدادا لهم ليبادروا إلى تحمل المسؤولية، ولغير ذلك من أمور الثانية: إنه صلى الله عليه وآله وسلم في نفس الوقت الذي يمارس فيه أسلوب المشاورة بهدف تحسيس أصحابه بالمسؤولية وافهامهم عملا، لا قولا فقط - أنهم الجزء الحركي والفاعل والمؤثر حتى على مستوى التخطيط، والقرارات المصيرية، وأن القضية قضيتهم، بما يعنيه ذلك كله من ارتفاع ملموس في مستوى وعيهم وتفكيرهم السياسي، والعسكري، وغير ذلك من أمور كانت محط نظره صلى الله عليه وآله وسلم نعم، انه في هذا الحين بالذات يطرح امامهم خيارات من شأنها أن تخرجهم من حالة الضيق والحرج، وتفتح امامهم نوافذ جديدة على أفاق رحبة من التدبير العسكري، الذي يحفظ لهم وجودهم، ويبعد عنهم شبح الهزيمة المرة، أو التعرض لحرب تحمل معها أخطار القتل الذريع، دون ان يجدوا في مقابل ذلك أيا من تباشير النصر، أو التفاؤل به