وكل ذلك يجعلنا نميل إلى أن كلام الواقدي قد جاء أكثر دقة في هذا المجال. وهو يفسر لنا السر في كلام ابن إسحاق من جهة، وكلام غيره المقابل له من جهة أخرى...
اما أولئك الذين ظهر منهم التردد في ذلك فلعلهم لم يقفوا على كلام الواقدي. ولم يتمكنوا من الجمع بين كلام ابن إسحاق وهو الحجة الثبت في السيرة، وبين كلام غيره وعي سليمان:
ولا نخفي هنا اعجابنا بهذا الوعي من سليمان المحمدي، حيث بادر في الوقت المناسب إلى تقديم تبرير لأولئك الناس الذين اختلفوا على رسول الله صلى الله عليه وآله، يتوافق مع طريقة تفكيرهم، حيث قرر لهم: ان الخندق المقترح من شأنه ان يحد من فاعلية الخيل في الحرب، ويدفع غائلتها، ويصبح الجهد الشخصي للافراد هو الذي يقرر مصير الحرب ونتائجها فكان ان استجاب المسلمون لاقتراح حفر الخندق، وأعلنوا موافقتهم عليه، وتحملوا مسؤولية الخيار والاختيار، وهذا بالذات هو ما أراده الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لو كان الخندق بإشارة سلمان:
وقد رأينا: ان عددا من المؤرخين قد زعم أن الخندق حفر بإشارة سلمان، وان كنا نرجح: ان النبي (صلى الله عليه وآله) هو الذي بادر إلى اقتراحه فاختلف المسلمون، فكان دور سلمان ان بين لهم وجه