مختلفة ولكن حزم القيادة، وهيمنتها، وحسن تدبيرها لم يفسح المجال للتأثر بالشائعات، واستطاعت هذه القيادة، حين فضحت أمر هؤلاء المنافقين بالوحي القرآني، وحين ظهرت الكرامات الباهرة على يدها، واطلقت البشارات بالنصر الأكيد استطاعت ان تعيد للجو الايماني صفاءه ونقاءه، وتحصنه من كل ما من شأنه ان يشيع روح التخاذل، ويزرع اليأس والخوف في نفوس المخلصين والمؤمنين. وقطعت الطريق على اي كان من أن يتخذ موقفا أو يتصرف تصرفا من شأنه ان يعطي للعدو أية فرصة من اي نوع كانت الغطرسة القرشية:
وعن علي عليه السلام قوله: " فقدمت قريش، فأقامت على الخندق محاصرة لنا، ترى في أنفسها القوة وفينا الضعف ترعد وتبرق، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعوها إلى الله عز وجل، ويناشدها بالقرابة والرحم، فتأبى، ولا يزيدها ذلك الا عتوا " (1) ونقول:
ليس غريبا على قريش هذا العتو، وهذه الغطرسة، ما دامت تقيس الأمور بمقاييس مادية، وترى القوة في أنفسها، والضعف في المسلمين، الذين جاءت لاستئصالهم، وإبادة خضرائهم. ولكن هذا العتو وتلك الغطرسة سرعان ما تلاشت، ليحل محلها الضعف والخنوع، والخيبة القاتلة، كما سنرى