ثنيات الوداع شمال غرب المدينة حتى تنتهي بجبل أحد. وهي منطقة واسعة ومسطحة ومكشوفة، وليس فيها عراقيل مهمة، وهي المنطقة التي حفر الخندق فيها أما سائر المناطق حول المدينة فلم تكن تصح لذلك، ولا سيما بالنسبة لجيوش كبيرة تعد بالألوف، من فرسان ورجالة، بالإضافة إلى ما يتبع هذه الجيوش من دواب وخيول تحمل أزوادهم وأمتعتهم، وتحمل الرجالة منهم أيضا في سفرهم الطويل ذلك لان سائر المناطق حول المدينة كان فيها من الجبال والودية، ومن التضاريس والأشجار وحجارة ما يحد من قدرة تلك الجيوش الغازية على الحركة الفاعلة، والمؤثرة، ويفقدها الكثير من الامتيازات الحربية، ويحرمها من الاحتفاظ بزمام المبادرة، ويفوت عليه نصرا تطمع إلى تحقيقه ويوضح ذلك: انه كانت توجد في الجهة الشرقية حرة وأقم وفي الجهة الغربية حرة الوبرة، وهي مناطق عرة فيها صخور بركانية وتمثل حواجز طبيعية. وكان في جهة الجنوب أشجار النخيل وغيرها بالإضافة إلى الأبنية المتشابكة. وكل ذلك لا يتيح لجيش المشركين ان يقوم بنشاط فاعل وقوي ضد المسلمين وحيث إن بعض المواضع في جهتي الشرق والجنوب كان يمثل النقطة الأضعف من غيرها، الامر الذي يحمل معه احتمالات حدوث تسلل تكتيكي للعدو، يهدف إلى ارباك الوضع العسكري والنفسي للمسلمين فقد كان لابد من سد تلك الثغرة، ورفع النقص، وتفويت الفرصة على العدو، حتى لا يضطر المسلمون لتوزيع قواهم وبعثتها هنا وهناك بطريقة عشوائية، أو من شأنها ان تضعف فيهم درجة
(٩٢)