ويعطون الأوسمة والامتيازات من خلالها وعلى أساسها فنقض العهود، وخفر الجوار، والإساءة لمن أحسن، وكل خزي وعار لم يعد مهما عندهم إذا كان ذلك في قبال محمد (صلى الله عليه وآله) وضد الاسلام والمسلمين. بل إن هذه المخازي قد أصبحت أوسمة لهم، ومن دواعي تأكيد شخصيتهم، وبسط هيمنتهم بزعمهم والا، فكيف نفسر احتفاظ عيينة بن حصن، وكثيرين من أمثاله بمواقعهم الاجتماعية، وهم قد أثبتوا أكثر من مرة انهم لا يملكون شيئا، من هذه المعاني التي قبلها العرب، وتبنوها، وتغنوا وافتخروا بها وقبل ان نخلص إلى نهاية القول: نقول: إن من الطبيعي للانسان الذي يحتفظ بميزاته وخصائصه الانسانية ان يشعر بالامتنان تجاه من يحسن إليه، ويشعر بالاحترام والتقدير تجاه من يحسن جواره وكذلك تجاه من يتعامل معه بطريقة أخلاقية وانسانية، حتى ولو كان يختلف معه في الرأي، وفي العقيدة والدين.
فإذا أراد أن يكون له موقف يختلف عن هذا، فلا بد أن يتناقض أولا مع نفسه، ويقوم صراع حاد مع تلك الخصائص النبيلة، ولن يكون قادرا على اتخاذ ذلك الموقف إلا بعد أن يتم التغلب عليها وقهرها وتختلف صعوبة اتخاذ القرار، والموقف هذا باختلاف درجات البشاعة والشين فيه، إلا إذا فرض: أن تلك المعاني الانسانية قد تناهى بها الضعف، بسبب ممارسات سابقة، حتى بلغت درجة فقدت معها تأثيرها وفاعليتها. وأصبح الانسان بذلك على درجة كبيرة من الصلف واللا مبالات، والوقاحة، وتحول إلى مجرم محترف، لا يبالي أي شئ يرتكب ويقترف، كما كان الحال بالنسبة لعيينة بن حصن، الذي