الحديث فلما ولى من عند رسول الله (ص) ذاهبا إلى غطفان قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، ما هذا الذي قلت؟ إن كان أمر من الله تعالى فأمضه، وإن كان هذا رأيا من قبل نفسك، فإن شأن بني قريظة هو أهون من أن تقول شيئا يؤثر عنك.
فقال (ص): بل هو رأي رأيته، الحرب خدعة. ثم أرسل (ص) في أثر نعيم فدعاه، فقال (ص) له: أرأيت الذي سمعتني قلت آنفا؟
اسكت عنه، فلا تذكره فإنما أغراه. فانصرف من عند رسول الله (ص) إلى عيينة ومن معه من غطفان، فقال لهم: هل علمتم محمدا قال شيئا قط إلا كان حقا؟! قالوا: لا. فإنه لي فيما أرسلت به إليكم بنو قريظة: " فلعلنا نحن أمرناهم بذلك " ثم نهاني أذكره لكم.
فأخبر عيينة بن حصن أبا سفيان بذلك، فقال: إنما في مكر بني قريظة.
فقال أبو سفيان: نرسل إليهم الان فنسألهم الرهن، فإن دفعوا الرهن إلينا، فقد صدقونا، وإن أبو ذلك فنحن منهم في مكر.
فأرسلوا إليهم يطلبون الرهن ليلة السبت، فامتنعوا من اعطائه لأجل السبت. فقال أبو سفيان ورؤس الأحزاب: هذا مكر بني فريظة، فارتحلوا فقد طالت اقامتكم، فاذنوا بالرحيل، وبعث الله تعالى عليهم الريح، حتى ما يكاد أحدهم يهتدي لموضع رحله.
فارتحلوا، فولوا منهزمين.
ويقال: إن حيي بن أخطب قال لأبي سفيان: أنا آخذ لك من بني قريظة سبعين رجلا رهنا عندك حتى يخرجوا فيقاتلوا، فهم أعرف بقتال محمد وأصحابه. فكان هذا الذي قال: إن أبا سفيان طلب الرهن.