سواء من حيث العدد، أو من حيث العدة، بالإضافة إلى حالة الحصار التي يعانون منها ثم يتعاظم احساسهم بالخطر الذي يتهددهم: وهم يجدون امارات الغدر والخيانة قد ظهرت، لدى أولئك الذين كان لهم معهم عهود ومواثيق، فلم تعد العهود قادرة على اعطاء أدنى شعور بالأمن والسكون إليها. كما أن كل ما عمله النبي والمسلمون من احسان، وما اتخذوه من مواقف انسانية قد اتضح انه لم يمنع من تلقوا ذلك الاحسان من أن يحالفوا العدو، وينقلبوا على ما أحسن إليهم ليقابلوه بالإساءة، فيكتشف المسلمون انهم مجموعة من الذئاب، والسباع الشرسة، التي تفقد كل المعاني الانسانية، وكل الشيم التي يعتز بها الانسان العربي، ويفتخر بها ثم هناك وجود المنافقين فيما بين المسلمين، الذين كانوا ينخرون في جسم الأمة، ويعملون على تمزيقها، وزرع الشكوك القاتلة، وإيجاد الريب المهلك فيها.
فتأتي هذه الكرامات لتكون صمام الأمان لهذه القلوب الخائفة، والمفجوعة، وليربط الله بها على قلوبهم، ولتزيد في يقينهم وبصيرتهم. وتشد من عزيمتهم قال الشيخ محمد أبي زهرة: " ان الآيات المادية قد تؤثر في أولئك الماديين الحسيين، وخصوصا إذا كانت في موطن الفزع، فإنها إذا جاءت من غير سبب يألفونه ويعرفونه، فإنها قد تأخذ عقولهم إلى التفكير السليم، وتخلعها من الوثنية، إذ يدخل إليها نور الحق شيئا فشيئا، والنور كلما دخل أشرق، وإذا أشرق