وهم يشعرون بعظيم الخطر الداهم، وتختلف في نفوسهم عوامل اليأس تارة، وعوامل الرجاء تارة أخرى ولعل المنافقين، ومن وراءهم اليهود قد أسهموا بتضعيف عوامل الرجاء بما أشاعوه وأذاعوه مما يؤكد ويقوي حالة التشاؤم إلى درجة اليأس لدى الكثيرين ممن لم ترسخ لهم بعد قدم في الايمان والتسليم، والتوكل فتأتي قصة رؤية قصور الحيرة والروم وصنعاء، ومدائن كسرى حينما ضرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلك الصخرة المستعصية في الخندق ضربات ثلاث، - تأتي - لتعيد للمسلمين ثقتهم بنفسهم وبربهم، وتطلعاتهم ونظراتهم القوية والثاقبة للمستقبل، ويبتعد حينئذ تلقائيا شبح الخوف المذل والاستسلام الخانع لعوامل اليأس، التي لو تمكنت وترسخت فيهم لجرتهم إلى مزالق الذل ولكان ذلك سببا في ذهاب ريحهم وسقوطهم في حمأة الهوان، والبوار، إذ أن الحادثة قد استنبطت: ان ما هم فيه ما هو إلا " سحابة صيف عن قريب تقشع " وأنهم سيخرجون من هذه الضائقة التي يواجهونها مرفوعي الرأس، ليواصلوا مسيرتهم الظافرة من نصر إلى نصر، ومن فتح إلى فتح - حتى ينتهي بهم الامر إلى فتح الفتوح، حيث تفتح لهم البلاد، وتدخل العباد في دينهم أفواجا، ويملكون كنوز كسرى وقيصر، حسبما أخبرهم به الرسول (صلى الله عليه وآله) منذ فجر دعوته في مكة ومما يدخل في هذا السياق: ما روي من أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم الخندق لأصحابه: لئن أمسيتم قليلا، لتكثرن، وان أمسيتم ضعفاء لتشرقن، حتى تصيروا نجوما يهتدى بكم، وبواحد منكم (1)
(١٤٧)