الظن يكفي في العمل بالتكاليف الشرعية إجماعا (1).
ويؤيد ذلك ما ورد من تعليل عدم الالتفات إلى الشك بعد الفراغ بقوله:
" هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك " (2) المستفاد منه: مراعاة الأمارات المفيدة لغلبة وقوع المشكوك فيه، وكذا رفع الحكم عن كثير الشك معللا بأن التشكيك من الشيطان (3) وإلا فالفعل يقع غالبا على الوجه الصحيح، ورفع الحكم عن سهو المأموم والإمام مع حفظ صاحبه (4). إلى غير ذلك.
ويؤيد ذلك لزوم الحرج مع الالتفات إلى الاحتمال المرجوح.
وما قيل في دفعه: من أن عروض الشك بالمعنى الأعم لو لم تبلغ حد الكثرة فلا حرج في مراعاته وإن بلغه سقط حكمه للكثرة (5).
ففيه أن كثرة السهو الذي سقط حكمه هو التشكيك الشيطاني العارض لبعض الأشخاص لا الشك بالمعنى الأعم من الظن الذي هو مقتضى جبلة الانسان وعادته الثانية، من عدم تذكر أكثر ما مضى من أفعاله، فإن أدلة كثير الشك لا تدل على حكم مثل هذا الشخص، كما لا يخفى على من لاحظها.
فمراعاة أدلة نفي الحرج الناشئ من مراعاة مطلق الشك بالمعنى الأعم يقتضي الفرق بين المرجوح والمساوي وتخصيص الالتفات بالثاني دون العكس ودون تعميم السقوط، وقد عرفت أيضا أن الظاهر من حكمة سقوط حكم السهو عن كثيره هي ملاحظة غلبة وقوع الفعل على الوجه الصحيح وكون التشكيك والوسوسة من الشيطان.