إلا أن تقييد المشكوك فيه بالقيود المذكورة في الأخبار من كونه قد مضى أو جاوزه أو خرج منه، الظاهرة - بل الصريحة - في كون وجوده مفروضا يوجب إرادة الشك في شئ منه شرطا أو شطرا لكن المورد في الرواية الأولى والثالثة لما كان هو الشك في أصل الوجود - كما يظهر من صدرهما - تعين حمل التجاوز والمضي والخروج على مضي المحل والتجاوز والخروج عنه، فيبقى قوله: " شك فيه " باقيا على معناه اللغوي والعرفي من الشك في أصل وجوده، وحينئذ فالمراد بالشك في الشئ - في الرواية الثانية -: " كلما شككت فيه مما قد مضى "، ومثل قوله: " إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه " (1) وقوله - بعد السؤال عن رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ -: " هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك " (2) وقوله:
" كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا، فامضه، فلا إعادة عليك فيه " (3) هو الشك في شئ منه جزء أو شرطا.
ويحتمل أن يراد من " الشك " في الروايتين المتقدمتين: الأعم من الشك في الوجود والشك في الصحة، ويراد من الخروج عنه والتجاوز: التجاوز عن محله، لكنه بعيد.
ويترتب على ذلك أنه إذا شك في وقوع فعل من أفعال الصلاة على الوجه الصحيح ولم يدخل في غيره، فعلى المعنى الأعم يرجع إلى المشكوك فيه لمفهوم الروايتين، وعلى المختار يخرج عن مورد مفهومهما ويدخل في الروايات الأخيرة الدالة على عدم الالتفات.
بل على المعنى الأعم أيضا لا بد من تقييد الروايتين بتلك الأخبار، لأن النسبة بينهما وإن كان عموما من وجه إلا أن للأخبار الأخيرة ظهورا تاما في