ولا ينقض بتعلم مسائل التجارة للتاجر، حيث إن تركه يفضي إلى الوقوع في المعاملات الفاسدة والتصرفات المحرمة مع أنهم حكموا باستحبابه، لأنا نلتزم بالوجوب المقدمي هناك أيضا عند إرادة إيقاع المعاملة المشكوك في صحتها والتصرف فيما ينتقل إليه بتلك المعاملة إذا ظن بوقوعه في الحرام، فإن وجوب الشئ قد يكون لأجل الوقوع في الحرام، مثل النكاح إذا خاف بتركه الوقوع في الزنا، حيث أنه مكلف بترك الوطئ الحرام، وحيث إنه موقوف بحسب ظنه على الوطئ بالمحللة ولم يعين عليه (1).
والمراد بالظن في المقام هو الظن النوعي الحاصل من غلبة الوقوع، لا خصوص الظن في كل صلاة، وذلك لصدق خوف الوقوع في الحرام.
ثم إن مقتضى ما ذكرنا من وجوب معرفة أحكام الخلل هو وجوب تمييز واجبات الصلاة من مستحباتها وأركانها من غيرها، إذ بدونها لا تعرف أحكام الخلل، ولا بعد في التزام ذلك حيث يقتضيه الدليل.
وقد يتوهم أن وجوب العمل بأحكام الخلل إنما هو بعد تحقق الخلل من الشك أو السهو، فقبله لا يجب، فلا يجب معرفتها، لعدم وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها.
وهذا توهم فاسد، لأن المفروض عدم التمكن من المعرفة بعد تحقق الشك، فلو لم يجب قبله لزم: إما عدم وجوب العمل بتلك الأحكام على الجاهل، وإما عدم الوجوب العقلي للمقدمة، لأن قبل تحقق الشك لم يكن حكم من العقل على ما زعمه المتوهم، وبعده لا يكون تحصيل المعرفة مقدورة على ما هو المفروض، واللازم بقسميه باطل.