الله بن عمر من بعده من رجالات الموحدين ومشيختهم ولما عقد الخليفة يوسف بن عبد المؤمن على قرطبة لأخيه السيد أبى اسحق أنزله معه عبد الله بن عمر بن تافراكين للمشورة مع جماعة من الموحدين كان منهم يوسف بن وانودين وكان عبد الله المقدم فيهم وجاء ابنه عمر من بعده مشتغلا بمذهبه مرموقا بتجلته ولما ولى السيد أبو سعيد بن عمر بن عبد المؤمن على إفريقية ولاه قابس وأعمالها إلى أن استنزله عنها يحيى من عامه سنة ثنتين وتسعين وخمسمائة ثم كان منهم بعد ذلك عظماء في الدولة وكبراء من المشيخة آخرهم عبد العزيز بن تافراكين حليف الموحدين بمراكش لما نقضوا بيعة المأمون فاغتاله في طريقه إلى المسجد عند الأذان للصبح لما كان محافظا على شهود الجماعات ورعاها له المأمون في أخيه عبد الحق وبنيه احمد ومحمد وعمر فلما استلحم الموحدون وعمهم الجزع ارتحل عبد الحق موريا بالحج ونزل على السلطان المستنصر فأنزله بمكان من الحضرة وسرحه بعض الأحايين إلى الحامة لحسم الداء فيها وقد كان توقع الخلاف من مشيختها فحسن غناؤه فيها وقتل أهل الخلاف وحسم العلل وولاه السلطان أبو اسحق على بجاية بعد مقتل محمد بن أبي هلال فاضطلع بها ولما ولى ادعى ابن عمارة انه سرحه في عسكر من الموحدين لقهر العرب وكف عداوتهم فأثخن فيهم ما شاء ولم يزل معروفا بالرياسة مرموقا بالتجلة إلى أن هلك وكان بنو أخيه عبد العزيز وهم أحمد ومحمد وعمر جاؤوا على أثره من المغرب فنزلوا بالحضرة خير منزل وغذوا بلبان النعمة والجاه فيها وكان أحمد كبيرهم وولاه السلطان أبو حفص على قفصه ثم على المهدية ثم استعفى من الولاية فعوفي وكان السلطان أبو عصيدة يستخلفه على الحضرة إذا خرج منها على ما كان لأوله إلى أن هلك لأول المائة الثامنة سنة ثلاث ونشأ ابناه أبو محمد عبد الله وأبو العباس احمد في حجر الدولة وجو عنايتها وأصهر عبد الله منهما إلى أبي يعقوب بن رذوتين شيخ الدولة في ابنته فعقد له عليها وأصهر من بعده أخوه أحمد بن أبي محمد بن يعمور في ابنته فعقد له أيضا عليها واستخلص أبو ضربة بن اللحياني كبيرها أبا محمد عبد الله وآثره بصحبته فلم يزل معه إلى أن كانت الواقعة عليه بمصوح وتقبض على كثير من الموحدين فكان في جملتهم ومن عليه السلطان أبو بكر ورقاه في رتب عنايته إلى أن ولاه الوزارة بعد الشيخ أبى محمد بن القاسم ثم قدمه شيخا على الموحدين بعد مهلك شيخهم أبى عمر بن عثمان سنة ثنتين وأربعين وبعثه إلى ملك المغرب مع ابنه الأمير أبى زكريا صاحب بجاية صريخا على بنى عبد الواد فحل في خدمة السلطان وعرض سفارته وتوجه للأنبار بعدها إليه واختص بالسفارة إلى ملك المغرب سائر أيامه وغص الحاجب ابن سيد الناس بمكانه وهم بمكروهه فكفح السلطان عنانه
(٣٤٩)