وخشى الملا من أهل البلد على أنفسهم فاستدعوا أبا العباس الفضل من عمله ببونة ولما أطل على قسنطينة ثارت العامة بمن كان هنا لك من الوفد والعمال وانتهبوا أموالهم واستلحموا منهم وخلص أبناء السلطان مع وفود السلطان والجلالقة إلى بسكرة مع ابن مزنى وفى خفارة يعقوب بن علي أمير الزواودة فأوسع ابن مزنى قرى وتكرمة إلى أن لحقوا بالسلطان أبى الحسن بتونس في رجب من سنة تسع ودخل المولى الفضل إلى قسنطينة وأعاد ما ذهب من سلطان قومه وشمل الناس بعدله واحسانه وسوغ الاقطاع والجوائز ورحل إلى بجاية لما آنس من صاغية أهلها إلى الدعوة الحفصية فلما أطل عليها ثار أهلها بالعمال الذين كان السلطان أنزلهم بها واستباحوهم وأفلتوا من أيدي نكبتهم بحريفة الرفل ودخل الفضل إلى بجاية واستولى على كرسي ملكها ونظمها مع قسنطينة وبونة في ملكه وأعاد ألقاب الخلافة ورسومها وشتاتها كما كانت واعتزم على الرحيل إلى الحضرة وبينما هو يحدث نفسه بذلك إذ وصل الخبر بقدوم أمراء بجاية وقسنطينة من المغرب وكان من خبرها ان الأمير أبا عنان لما بلغه خبر الواقعة بأبيه وانتزاء منصور ابن أخيه إلى ملكه بالبلد الجديد دار ملكهم وأحس بخلاص أبيه من هوة الحصار بالقيروان وثب على الامر ودعا لنفسه ورحل إلى المغرب كما نذكره في أخباره وسرح الأمير ابا عبد الله محمد ابن الأمير أبى زكريا صاحب بجاية والانباء إلى عمله وأمده بالأموال وأخذ عليه المواثيق ليكونن له ردأ دون أبيه وليحولن بينه وبين الخلوص متى مر به وانطلق أبو عبد الله إلى بجاية وقد سبقه إليها عمه الفضل واستولى عليها فنازله بها وطال حصارها ولحق بمكانه من منازلتها نبيل المولى ابن المعلوجي مولى الأمير أبى عبد الله وكافل بنيه من بعده وتقدم إلى قسنطينة وبها عامل من قبل الفضل فثار به الناس لحينه ودخل نبيل وملك البلد وأقام فيها دعوة الأمير أبى زيد ابن الأمير أبى عبد الله وكان الأمير أبو عنان استصحبه واخوانه إلى المغرب وبعد احتلاله بفاس سرحهم إلى مكان امارتهم بقسنطينة بعد أن أخذ عليهم الموثق في شأن أبيه بمثل موثق ابن عمهم فجاؤوا على اثر نبيل مولاهم ودخلوا البلد واحتل أبو زيد منها بمكان امارته وسلطان قدمه كما قبل رحلتهم إلى المغرب ولم يزل الأمير أبو عبد الله ينازل بجاية إلى أن بيتها بعض ليالي رمضان من سنته بمداخلة بعض الأشياع من رجالها داخلهم مولاه وكافله فارح في ذلك فسرب فيهم الأموال وواعدوه للبيات وفتحوا له باب البر من أبوابها واقتحمه وفاجأهم هدير الطبول فهب السلطان من نومه وخرج من قصره فتسنم الجبل المطل عليها وتسرب في شعابه إلى أن وضح الصباح وظهر عليه فجئ به إلى ابن أخيه فمن عليه واستبقاه وأركبه السفينة إلى بلد بونة في شوال من سنة
(٣٦٢)