وتتبعوا بالقتل والنهب إلى أن استبيحوا ونجا فلهم إلى بجاية ولحقوا بالسلطان أبى عنان ولما بلغه الخبر قام في ركائبه وعقد وفتح ديوان العطاء وبعث وزراءه للحشد في الجهات وأعد من الجنود وأزاح العلل وشكا له موسى بن إبراهيم قعود عبد الله ابن علي صاحب بجاية عن قصده فسخطه ونكبه وعقد مكانه ليحيى بن ميمون بن مصمود وتلوم بعده أشهرا في تجهيز العساكر وبعث السلطان أبو العباس أخاه أبا يحيى إلى تونس صريخا لعمه السلطان أبى اسحق فأعجله الامر عن الإياب إليه وارتحل أبو عنان في عساكره ثم بعث في مقدمته وزيره فارس بن ميمون بن ودرار وزحف على أثره في ربيع سنة ثمان وخمسين وأغذ السير إلى قسنطينة وقد نازلها وزيره ابن ودرار قبله فلما نزل بساحتها وقد طبقوا الأرض الفضاء بجيوشه وعساكره وجم أهل البلد وأدركهم الدهش فانفضوا وتسللوا إليه وتحيز السلطان أبو العباس إلى القصبة فامتنع بها حتى توثق لنفسه بالعهد ثم نزل إليه فلقاه تكرمة ورحبا وأسنى له الفساطيط في جواره ثم بدا له لأيام قلائل فنقض عهده وأركبه السفن إلى المغرب وأنزله بسبتة ورتب عليه الحرس وبعث خلال ذلك إلى بونة فدخلت في طاعته وفر عنها عمال الحضرة ولما استولى عقد على قسنطينة لمنصور بن مخلوف شيخ بنى بابان من قبيل بنى مرين ثم بعث رسله إلى أبي محمد بن تافراكين في الاخذ بطاعته والنزول عن تونس فردهم وأخرج سلطانه المولى أبا إسحاق مع أولاد أبى الليل ومن إليهم من العرب بعد أن جهز إليه العساكر وما يصلح من الآلة والجند وأقام هو بتونس وأجمع أبو عنان النهوض إليه ووفد عليه أولاد مهلهل يستحثونه لذلك فسرح معهم عسكرا في البر لنظر يحيى بن رحو بن تاشفين معطى حشود بنى تيربيعين من قبائل بنى مرين وصاحب الشورى في مجلسه وسرح عسكرا آخر في الأسطول لنظر محمد بن يوسف المعروف بالأبكم من بنى الأحمر بنى الملوك بالأندلس لهذا العهد فسبق الأسطول وصبحوا تونس وقاتلوها يوما أو بعض يوم وأتيح لهم الظهور فخرج عنها أبو محمد بن تافراكين ولحق بالمهدية واستولت عساكر بنى مرين على تونس في رمضان سنة ثمان وخمسين وحق لهم الظهور فخرج عنها أبو محمد بن تافراكين ولحق يحيى بن رحو بعسكره فدخل البلد وأمضى فيها أوامر السلطان ثم دعاه أولاد مهلهل إلى الخروج لمباغتة أولاد أبى الليل وسلطانهم فخرج معهم لذلك وأقام ابن الأحمر وأهل الأسطول بالبلد في خلال ذلك جاهر يعقوب بن علي بالخلاف لما تبين من نكر السلطان أبى عنان وارهاف حده للعرب ومطالبتهم بالرهن وقبض أيديهم عن الإتاوات ومسح أعطافه بالمداراة فلم يقبلها فلحق يعقوب بالرمل واتبعه السلطان فأعجزه فعدا على قصوره ومنازله بالبلد والصحراء فخربها وانتسفها ثم رجع إلى قسنطينة وارتحل منها يريد
(٣٧١)