مهلكه رغبه في سلطانها واستحثه بالقدوم عليها وجدد له الجوار فتنبهت لذلك عزائمه ثم وصل الخبر بمهلك ولى العهد وأخويه وخبر الواقعة فأحفظه لذلك بما كان من رضاه بعهده وخطه بالوفاق على ذلك بيده في سجله وذلك أن حاجب الأمير أبى العباس وهو أبو القاسم بن عتو من مشيخة الموحدين كان سفر عن السلطان لآخر أيامه إلى السلطان أبى الحسن بهدية وحمل سجل العهد فوقف عليه أبا السلطان الحسن وسأل منه امضاءه لمولاه وكتب ذلك بخطه في سجله فخطه بيمينه وأحكم له عقده فلما بلغه مهلك ولى العهد تعلل بأن النقض أتى على ما أحكمه فأجمع غزو إفريقية ومن بها فعسكر بظاهر تلمسان وفرق الأعطيات وأزاح العلل ثم رحل في صفر من سنة ثمان وأربعين يجر الدنيا بما حملت وأوفد عليه أبناء حمزة بن عمر أمراء البدو بإفريقية ورجالات الكعوب أخاهم خالدا يستصرخه لثأر أخيهم أبى الحول الهالك يوم الواقعة فأجابهم ونزع إليهم أيضا أهل القاصية من إفريقية بطاعتهم فجاؤوا في وفد واحد مع ابن مكي صاحب قابس وابن نملول صاحب توزر وابن العابد صاحب قفصة ومولاهم ابن أبي عنان صاحب الحامة وابن الخلف صاحب نفطة فلقوه بوهران وآتوه بيعتهم رغبة ورهبة وأدوا بيعة ابن ثابت صاحب طرابلس ولم يتخلف عنهم الا من بعد داره ثم جاء من بعدهم وعلى أثرهم صاحب الزاب يوسف بن منصور بن مزنى ومعه مشيخة الموحدين الزواودة وكبيرهم يعقوب بن علي فلقيه بنو حسن من أعمال بجاية فأوسع النيل حبا وتكرمة وأسنى الصلات والجوائز وعقد لكل منهم على بلده وعمله وبعث مع أهل الجزائر الولاة للجباية لنظر مسعود بن إبراهيم اليرساوي من طبقة وزرائه وأغد السير إلى بجاية فلما أطلت عساكره عليها توافر أهلها في الامتناع ثم أنابوا وخرج أميرها أبو عبد الله محمد ابن الأمير أبى زكريا فآتاه طاعته وصرفه إلى المغرب مع إخوانه وأنزله ببلد ندرومة وأقطع له الكفاية من جبايتها وبعث على جباية عماله وخلفائه وسار إلى قسنطينة فخرج إليه أبناء الأمير أبى عبد الله يقدمهم كبيرهم أبو زيد وآتوه طاعتهم وأقبل عليهم وصرفهم إلى المغرب وأنزلهم بوجدة وأقطعهم جبايتها وأنزل بقسنطينة خلفاءه وعماله وأطلق القرابة من مكان اعتقالهم بها وفيهم أبو عبد الله محمد أخو السلطان أبى بكر وبنوه ومحمد ابن الأمير خالد واخوانه وبنوه وأصارهم في جملته حتى صرفهم إلى المغرب من الحضرة من بعد ذلك ووفد عليه هنا لك بنو حمزة بن عمرو مشايخ قومهم الكعوب فأخبروه باجفال المولى أبى حفص من تونس مع ظواعن أولاد مهلهل واستحثوه باعتراضهم قبل لحاقهم بالقفر وسرح معهم العساكر في طلبه لنظر حمو العسرى من مواليه وسرح عسكرا آخر إلى تونس لنظر يحيى بن سليمان من بنى عسكر ومعه
(٣٥٧)