لما دخل أبو العباس الفضل إلى الحضرة واستبد بملكها عقد على حجابته لأحمد بن محمد ابن عتو نائبا عن عمه أبى القاسم ريثما يفئ من الجريد وعقد على جيشه وحربه لمحمد بن الشواش بطانته وكان وليه المطارد به أبو الليل قتيبة بن حمزة مستبدا عليه في سائر أحواله منتشطا في طلباته وأنف له بطانته من ذلك فحملوه على التنكر له وأن يديل منه بولاية خالد أخيه وبعث عن أبي القاسم بن عتو وقد قلده في حجابته وفوض إليه أمره وجعل مقاد الدولة بيده فركب إليه البحر من سوسة واستألف له خالد بن حمزة ظهيرا على أخيه بعد أن نبذ إليه عهده وفاوضهم أبو الليل بن حمزة قبل استحكام أمورهم فغلب على السلطان وحمله على عزله قائده محمد بن الشواش فدفعه إلى بونة على عساكرها واضطربت نار الفتنة بين أبى الليل بن حمزة وبين أخيه خالد وكاد شملهم ان يتصدع وبينما هم يجيشون نار الحرب ويجمعون الجموع والأحزاب إذ قدم كبيرهم عمر وأبو محمد عبد الله بن تافراكين من حجهم وكا ابن تافراكين لما احتل بالإسكندرية بعث السلطان فيه إلى أهل المشرق وخاطبه ملوك مصر في التحكيم فيه فأجاره عليه الأمير المستبد على الدولة يومئذ سقاروس وخرج من مصر لقضاء فرضه وخرج عمر بن حمزة لقضاء فرضه أيضا فاجتمعا في مشاهد الحاج آخر سنة خمسين وتعاقدا على الرجوع إلى إفريقية والتظاهر على أمرهما وقفلا فألفيا خالدا وقتيبة على الصفير فأشار عمر بن داية فاجتمعا وتواقفا ومسح الإحن من صدورهما وتواطؤوا جميعا على المكر بالسلطان وبعث إليه وليه قتيبة بالمراجعة فقبله واتفقوا على أن يقلد حجابته أبا محمد ابن تافراكين صاحب أبيه وكبير دولتهم ويديل به من ابن عتو فأبى ثم أصبحت ونزلت أحياؤهم ظاهر البلد واستحثوا السلطان للخروج إليهم ليكملوا عقد ذلك ووقف بساحة البلد إلى أن أحاطوا به ثم اقتادوه إلى بيوتهم وأدنوا لابن تافراكين في دخول البلد فدخلها لاحدى عشرة من جمادى الأولى سنة احدى وخمسين وعمد إلى دار المولى أبى اسحق إبراهيم ابن مولانا السلطان أبى بكر فاستخرجه بعد أن بذل من العهد لامه والمواثيق ما رضيتها وجاء به إلى القصر وأقعده على كرسي الخلافة وبايع له الناس خاصة وعامة وهو يومئذ غلام مناهز فانعقدت بيعته ودخل بنو كعب فأتوه طاعتهم وسيق إليه أخوه الفضل ليلتئذ فاعتقل وغط من جوف الليل بمحبسه حتى فاض ولاذ حاجبه أبو القاسم بن عتو بالاختفاء في غيابات البلد وعثر عليه لليال فاعتقل وامتحن وهلك في امتحانه وخوطب العمال في الجهات بأخذ البيعة على من قبلهم فبعثوا بها واستقام ابن بهلول صاحب توزر على الطاعة وبعث بالجباية والهدية واتبعه صاحب نفطة وصاحب قفصة وخالفهم ابن مكي وذهب إلى الاجلاب على ابن
(٣٦٤)