السلطان بعثه في غرض الرسالة إلى ملك المغرب في الأسطول الذي بعثه مددا للمسلمين عند إجازة السلطان أبى الحسن إلى طريف وكان أخوه زيد بن فرحون قائد ذلك الأسطول بما كان قائده ببحر بجاية فلما رجع أبو عبد الله بن فرحون من سفارته تلك أذن له في المقام عند الأمير أبى زكريا واستعمله على حجابته إلى أن هلك فولى من بعده في تلك الخطة ابن القشاش من صنائع دولته ثم عزله وولى عليها أبا القاسم بن علناس من طبقة الكتاب واتصل بدار هذا الأمير وترقى في ديوانه إلى أن ولاه خطة الحجابة ثم عزله وولى يحيى بن محمد بن المنت الحضرمي كان أبو ه وعمه قدما على جالية الأندلس وكانا ينتحلان القراءات وأخذ أهل بجاية عن عمه أبى الحسن علم القراءات وكان خطيبا بجامع السلطان ونشأ على ابن أخيه واستعمل في الديوان وكان طموحا للرياسة واتصل بحظية كانت للمولى أبى زكريا تسمى أم الحكم قد غلبت على هواه فرسمت على ابن المنت هذا بخطة الحجابة واستعمله فيها فقام بها وأصلح معونات السلطان وأحوال مقاماته في سفره وجهز له العساكر وجال في نواحي أعماله وهلك هذا الأمير في احدى سفراته وهو على حجابته بتاكرارت من أعمال بجاية من مرض كان أزمن به في ربيع الأول سنة سبع وأربعين وكان ابنه الأمير أبو عبد الله في حجر مولاه فارح بن معلوجي بن سيد الناس وكان اصطنعه فألفاه قابلا للترشيح فأقام مع ابن مولاه ينتظر أمر الخليفة وبادر حاجبه الأول أبو القاسم بن علناس إلى الحضرة وأنهى الخبر إلى الخليفة فعقد على بجاية لابنه الأمير أبى حفص كان معه بالحضرة وهو من أصاغر ولده وأنفذه إليها مع رجاله وأولى اختصاصه وخرج معه أبو القاسم بن علناس فوصل إلى بجاية ودخلها على حين غفلة وحمله الأوغاد من البطانة على ارهاف الحد واظهار السطو فخشى الناس البوادر وائتمروا ثم كانت في بعض الأيام هيعة تمالا فيها الكافة على التوثب بالأمير القادم فطافوا بالقصبة في سلاحهم ونادوا بامارة ابن مولاهم ثم تسوروا جدرانها واقتحموا داره وملكوا أمره وأخرجوه برمته بعد أن انتهبوا جميع موجودهم وتسايلوا إلى دار الأمير أبى عبد الله محمد بن أميرهم ومولاهم بعد أن كان معتزما على التقويض عنهم واللحاق بالخليفة جده وأذن له في ذلك عمه القادم فبايعوه بداره من البلد ثم نقلوه من الغد إلى قصر بالقصبة وملكوه أمرهم وقام بأمره مولاه فارح ولقبه باسم الحجابة واستمر حالهم على ذلك ولحق الأمير أبو حفص بالحضرة آخر جمادى الأولى من سنته لشهر من يوم ولايته إلى أن كان من شأنه بعد مهلك مولانا السلطان ما نذكره وتدارك السلطان أمر بجاية وبعث إليهم أبا عبد الله بن سليمان من كبار الصالحين ومشيخة الموحدين يسكنهم ويؤنسهم وبعث معه كتاب العقد عليها لحافده الأمير أبى زكريا طالبا
(٣٥٤)