ابن عطوش بطاعة مسعود بن كلداسن فرجع أبو دبوس إلى مراكش بعد أن عقد لابي موسى بن عزوز على بلاد حاجة وبلغه في طريقه عن عبد العزيز بن السعيد انه حدث نفسه بالملك وان ابن مكيث وابن كلداسن داخلوه بالولاية فصروا منهم الشكوة وأصاروهم في الحملة والله وارث الأرض ومن عليها * (وأما هسكورة) * وهم أكثر قبائل المصامدة وفيهم بطون كثيرة أوسعها بطن هسكورة وأما سواهم من بطون كنفيسة فأنفقتهم الدولة بما تولوا من مشايعتها وإبرام عقدتها فهلك رجالاتهم في انفاقها سبل الأمم قبلهم في دولهم وأما هسكورة فكان لهم بين الموحدين مكان واعتزاز بكثرتهم وغلبهم الا أنهم كانوا أهل بدو ولم يخالطوهم في ترفهم ولا انغمسوا في نعيمهم وكان جبلهم الذي أوطنوه من حاله دون القنة منها والذروة واعتصموا منه بالآفاق الفدد واليفاع الأشم والطود الشاهق قد لمس الأفلاك بيده ونظم النجوم في مفرقه وتلفع بالسحاب في مروطه وآوى الرياح العواصف الدجوة وألقى إلى خبر السماء باذنه وأظل على البحر الأخضر بشماريخه واستدبر القفر من بلاد السوس بظهره وأقام سائر جبال درن في حجره ولما انقرض أمر الموحدين وتغلب بنو مرين على المصامدة أجمع وساموهم خطة الخسف في وضع الضرائب والمغارم عليهم فاستكانوا لعزهم وأعطوهم يد الطواعية واعتصم هسكورة هؤلاء بمعقلهم واعتزوا فيه بمنعتهم فلم يغمسوا في خدمتهم يدا ولا أعطوهم مقادا ولا رفعوا بدعوتهم راية انما هي منابذة لأمرهم وامتناع عليهم سائر الأيام فإذا زحفت الحشود وتمرست بهم العساكر دافعوهم بطاعة معروفة واتاوة غير ملتزمة ورئيسهم مع ذلك يستخلص جبايتهم لنفسه ويدفعهم في المضايق لحمايته وربما تخطاهم إلى بعض قبائل الجبل ومن قاربه من أهل بسائط السوس يعسكر بذلك للرجل من قومه هكسورة وكنفيسة وبالحشد من العرب الموطنين بأرض السوس وسفيان وهم بطن الحارث ومن المعقل وهم بطن الشبانات وكان رئيسهم في ذكرنا بعد انقراض عبد المؤمن بن يوسف وحرروا لسان الأعجمين هو عبد الواحد وكان له في الاستبداد والصرامة ذكر وهلك سنة ثمانين وستمائة وكان منتحلا للعلم واعية له جماعة لكتبه ودواوينه حافظا لفروع الفقه يقال ان المدونة كانت من محفوظاته محبا في الفلسفة مطالعا لكتبها حريصا على نتائجها من علم الكيمياء والسيمياء والسحر والشعوذة مطلعا على الشرائع القديمة والكتب المنزلة بكتب التورية ويجالس أحبار اليهود حتى لقد اتهم في عقده ورمى بالرغبة عن دينه ثم ولى من بعده ابنه عبد الله وكان مقتفيا سنن أبيه في ذلك وخصوصا في انتحال السحر
(٢٦٢)