إشبيلية بذلك استنفر الياس للجهاد وخرج سنة ست وثمانين إلى قصر مصمودة فأرح به ثم أجاز إلى طريف وأغذ السير منها إلى شلب ووافته بها حشود الأندلس فتركهم لحصارها وزحف إلى حصن طرش فافتتحه ورجع إلى إشبيلية ثم رجع إلى منازلة شلب سنة سبع وثمانين فافتتحه وقدم عليه ابن وزير بعد أن كان افتتح في طريقه إليه حصونا أخرى ثم قفل إلى حضرته بعد استكماله غزاته وكتب بعهده لابنه الناصر وقدم عليه سنة ثمان وثمانين السيد أبو زيد صاحب إفريقية ومعه مشيخة العرب من هلال وسليم فتلقاهم مبرة وتكريما وانقلب وفدهم إلى بلادهم ثم بلغه سنة تسعين استفحال ابن غانية بإفريقية وكثرة العيث والفساد بها فاعتزم على النهوض إليها ووصل إلى مكناسة فبلغه من أمر الأندلس ما أهمه فصرف وجهه إليها ووصل قرطبة سنة احدى وتسعين فأراح بها ثلاثا وامداد الحشود تتلاحق به من كل ناحية ثم ارتحل للقاء العدو ونزل بالارك من نواحي بطليوس وزحف إليه العدو من النصارى وأمراؤهم يومئذ ثلاثة ابن ادفونش وابن الرند والبيوح وكان اللقاء يوم كذا سنة احدى وتسعين وأبو محمد ابن أبي حفص يومئذ على المطوعة وأخوه أبو يحيى على العساكر والموحدين فكانت الهزية المشهورة على النصارى واستلحم منهم ثلاثين ألفا بالسيف واعتصم فلهم بحصن الارك وكانوا خمسة آلاف من زعمائهم فاستنزلهم المنصور على حكمه وفودي بهم عددهم من المسلمين واستشهد في هذا اليوم أبو يحيى بن الشيخ أبى حفص بعد أن أبلى بلاء حسنا وعرف بنوه بعدها ببني الشهيد وانكفأ المنصور راجعا إلى إشبيلية ثم خرج منها سنة ثنتين وتسعين غازيا إلى بلاد الجوف فافتتح حصونا ومدنا وخربها كان منها برحالة وطلبيرة واطل على نواحي طيليطلة فخرب بسائطها واكتسح مسارحها وقفل إلى إشبيلية سنة ثلاث وتسعين فرفع إليه في القاضي أبى الوليد بن رشد مقالات فيها إلى المرض في دينه وعقده وربما لقى بعضها بخطه فحبس ثم أطلق وأشخص إلى الحضرة وبها كانت وفاته ثم خرج المنصور من إشبيلية غازيا إلى بلاد ابن ادفونش حتى احتل بساحة طليطلة وبلغه ان صاحب برشلونة أمد ابن أدفونش بعساكره وانهم جميعا بحصن مجريط فنهض إليهم ولما أطل عليهم انفضت جموع ابن ادفونش من قبل القتال ثم انكف المنصور راجعا إلى إشبيلية ثم رغب إليه ملوك النصرانية في السلم فبذله لهم وعقد على إشبيلية للسيد أبى زيد ابن الخليفة وعلى مدينة بطليوس للسيد أبى الربيع بن السيد أبى حفص وعلى المغرب للسيد أبى عبد الله بن السيد أبى حفص وأجاز إلى حضرته سنة أربع وتسعين فطرقه المرض الذي كان منه حنفه وأوصى وصيته التي تناقلها الناس وحضر لوصيته عيسى ابن الشيخ أبى حفص وهلك رحمه الله سنة خمس
(٢٤٥)