ليحيى ابن أخيه الناصر ابن يوجان سرا وعمل على افساد الدولة فداخلهم هسكورة والعرب في الغارة على مراكش وهزم عساكر الموحدين وفطن الشهيد لتدبير ابن يوجان فقتله بداره وخرج يحيى بن الناصر إلى معتصمه كما ذكرناه فخلع الموحدون العادل وبعثوا بيعتهم إلى المأمون وتولى كبر ذلك الحسن أبو عبد الله العريقي والسيد أبو حفص بن أبي حفص فبلغ خبرهم إلى يحيى بن الناصر وابن الشهيد فنزلوا إلى مراكش سنة ست وعشرين وقتلوهم وبايع للمأمون صاحب فاس وصاحب تلمسان محمد بن أبي زيد بن يوجان وصاحب سبتة أبو موسى بن المنصور وصاحب بجاية ابن أخته ابن الاطامي وامتنع صاحب إفريقية وكان ذلك سببا لاستبداد الأمير أبى زكريا على ما يذكر ولم يبق على دعوة يحيى بن الناصر الا إفريقية وسجلماسة وزحف البياسي إلى قرطبة فملكها ثم زحف إلى إشبيلية فنازل بها المأمون والطاغية بعد أن نزل له عن مخاطة وغيرها من حصون المسلمين فهزمهم المأمون بنواحي إشبيلية ثم ثار محمد بن يوسف بن هود وملك مرسية واستولى على الكثير من شرق الأندلس كما ذكرناه في أخباره وزحف إليه المأمون وحاصره وامتنع عليه فرجع إلى إشبيلية ثم خرج سنة ست وتسعين إلى مراكش لما استدعاه أهل المغرب وبعثوا إليه ببيعاتهم وبعث إليه هلال بن حميدان أمير الخلط يستدعيه واستمد الطاغية عسكرا من النصارى وأمره على شروط يقبلها منه المأمون وأجاز إلى العدوة وبادر أهل إشبيلية بالبيعة لابن هود واعترضه يحيى بن الناصر فهزمه المأمون واستلحم من كان معه من الموحدين والعرب ولحق يحيى بجبل هنتاتة ثم دخل المأمون الحضرة وأحضر مشيخة الموحدين وعدد عليهم قولاتهم وتقبض على مائة من أعيانهم فقتلهم وأحدر كتابه إلى البلدان بمحو اسم المهدى من السكة والخطبة والنعي عليه في النداء للصلاة باللغة البربرية وزيادة النداء لطلوع الفجر وهو أصبح ولله الحمد وغير ذلك من السنن التي اختص بها المهدى المعصوم وأعاد في ذلك وأبدى وأذن للنصارى القادمين معه في بناء الكنيسة بمراكش على شرطهم فضربوا بها نواقيسهم واستولى ابن هود بعده على الأندلس وأخرج منها سائر الموحدين وقتلهم العامة في كل محل وقتل السيد أبو الربيع بن أخي المنصور وكان المأمون تركه واليا بقرطبة واستبد الأمير أبو زكريا بن أبي محمد بن الشيخ أبى حفص بإفريقية وخلع طاعته سنة سبع وعشرين فعقد للسيد أبى عمران ابن عمه محمد الخرصان على بجاية مع أبي عبد الله اللحياني أخي الأمير أبى زكريا وزحف إليه يحيى بن الناصر فانهزم ثم ثانية كذلك واستلحم من كان معه ونصبت رؤسهم بأسوار الحضرة ولحق يحيى ابن الناصر ببلاد درعة وسجلماسة ثم انتقض على المأمون أخوه موسى ودعا لنفسه
(٢٥٣)