ورياح والأثبج واتباعهم إلى إفريقية كانوا ممن زحف معهم وكان من شيوخهم ماضي ابن مقرب المذكور في اخبار هلال ولهؤلاء الهلاليين في الحكاية عن دخولهم إلى إفريقية طرق في الخبر يزعمون أن الشريف بن هاشم كان صاحب الحجاز ويسمونه شكر بن أبي الفتوح وأنه أصهر إلى الحسن بن سرحان في أخته الجازية فأنكحه إياها وولدت منه ولدا واسمه محمد وأنه حدث بينهم وبين الشريف مغاضبة وفتنة وأجمعوا الرحلة عن نجد إلى إفريقية وتحيلوا عليه في استرجاع هذه الجازية فطلبته في زيارة أبويها فأزارها إياهم وخرج بها إلى حللهم فارتحلوا به وبها وكتموا رحلتها عنه وموهوا عليه بأنهم يباكرون به للصيد والقنص ويروحون به إلى بيوتهم بعد بنائها فلم يشعر بالرحلة إلى أن فارق موضع ملكه وصار إلى حيث لا يملك أمرها عليهم ففارقوه فرجع إلى مكانه من مكة وبين جوانحه من حبها داء دخيل وانها من بعد ذلك كلفت به مثل كلفه إلى أن ماتت من حبه ويتناقلون من اخبارها في ذلك ما يعفى عن خبر قيس وكثير ويروون كثيرا من أشعارها محكمة المباني متفقة الأطراف وفيها المطبوع والمنتحل والمصنوع لم يفقد فيها من البلاغة شئ وإنما أخلوا فيها بالإعراب فقط ولا مدخل له في البلاغة كما قررناه لك في الكتاب الأول من كتابنا هذا الا ان الخاصة من أهل العلم بالمدن يزهدون في روايتها ويستنكفون عنها لما فيها من خلل الاعراب ويحسبون ان الاعراب هو أصل البلاغة وليس كذلك وفى هذه الاشعار كثير أدخلته الصنعة وفقدت فيه صحة الرواية فلذلك لا يوثق به ولو صحت روايته لكانت فيه شواهد بآياتهم ووقائعهم مع زناتة وحر وبهم وضبط لأسماء رجالاتهم وكثير من أحوالهم لكنا لا نشق بروايتها وربما يشعر البصير بالبلاغة بالمصنوع منها ويتهمه وهذا قصارى الامر فيه وهم متفقون على الخبر عن حال هذه الجازية والشريف خلفا عن سلف وجيلا عن جيل ويكاد القادح فيها والمستريب أمرها أن يرمى عندهم بالجنون والخلل المفرط لتواترها بينهم وهذا الشريف الذي يشيرون إليه هو من الهواشم وهو شكر بن أبي الفتوح الحسن بن أبي جعفر بن هاشم محمد بن موسى بن عبد الله أبى الكرام بن موسى الجون بن عبد الله بن إدريس وأبو الفتوح هو الذي خطب لنفسه بمكة أيام الحاكم العبيدي وبايع له بنو الجراح امراء طيئ بالشام وبعثوا عنه فوصل إلى أحيائهم وبايع له كافة العرب ثم غلبتهم عساكر الحاكم العبيدي ورجع إلى مكة وهلك سنة ثلاثين وأربعمائة فولى بعده ابنه شكر هذا وهلك سنة ثلاث وخمسين وولى ابنه محمد الذي يزعم هؤلاء الهلاليون أنه من الجازية هذه وتقدم ذلك في اخبار العلوية هكذا نسبه ابن حزم (وقال ابن سعيد) هو من السليمانيين من ولد
(١٨)