طعام الغير لآكل مبيحا له، لأنه قاصد حينئذ بالتقديم الأكل، ولا ريب أن حفر البئر سبب وطرح ما يتعثر به سبب بغير خلاف، والظاهر أن مراد الجماعة كونه يقصد توقع العلة باعتبار الشأن، فيكون تقديره هكذا:
السبب إيجاد ملزوم العلة الذي شأنه أن يقصد معه توقع تلك العلة ".
وقال في مجمع البرهان بعد أن حكى عن بعض زيادة قصد توقع تلك العلة على تعريفه بأنه إيجاد ملزوم العلة المتلفة: " نحن ما نقدر على فهم المذكور من دون زيادة فكيف مع الزيادة " وذلك لأنه ذكر سابقا أن الملزومية غير ظاهرة، وإنما الظاهر كونه موقوفا عليه علية العلة، وأنها لم تتحقق إلا بعد تحققه، لا أنه لازمة لوجوده، فإنه معلوم عدم استلزام الحفر للتردي والالقاء. ولعل المراد بالملزومية ذلك المقدار فقط، إذ لا يحتاج إلى شئ بعد وجوده إلا المباشرة ".
وقال في المسالك: " إن ما له مدخل في هلاك الشئ إما أن يكون بحيث يضاف إليه الهلاك في العادة إضافة حقيقية له أو لا يكون كذلك، وما لا يكون كذلك إما أن يكون من شأنه القصد به ما يضاف إليه الهلاك أو لا يكون كذلك، وما يضاف إليه الهلاك يسمى علة، والاتيان به مباشرة. وما لا يضاف إليه الهلاك ولكن يكون من شأنه أن يقصد بتحصيله ما يضاف إليه سمي سببا، والاتيان به تسبيبا ".
إلى غير ذلك من كلماتهم التي لم نعرف الداعي لهم إلى صدورها بعد خلو نصوصهم عن اللفظ المزبور عنوانا للحكم، وإنما الموجود في النصوص ما عرفت، ومنه يتعدى إلى أمثاله بعد العلم بعدم الخصوصية للمذكور فيها، أو يستند إلى ما سمعته من العموم في بعضها، والأصل البراءة فيما لا يضاف إليه الاتلاف حقيقة، ولا يندرج في الأمثال المزبورة بل مع الشك فيه كذلك أيضا.