إليه عرفا، ولأن للسبب هو فعل ما يحصل الهلاك عنده لعلة سواه، وهذا تفسير بعض الفقهاء، وزاد آخرون: ولولاه لما أثرت العلة، وهذا التفسير أولى. فعلى هذا ليس هو السبب، ولأنه يمكن اعتياضه بغيره فهو أعم، فليس بسبب ولا يد له عليه، ولا مباشرة ولا ضمان، وهذا منشأ النظر في الباقيين، وأيضا ينشأ في الثاني من أنه تصرف في المالك لا في المال، ومن حيث إنه سبب عرفا، وأما في الثالث فمن حيث إنه سبب لحدوث ميل يشبه القسري لوجود ميل الولد إلى أمه طبعا فهو سبب، ومن الشك في كونه سببا شرعيا في الضمان، والأصل البراءة ".
وقال في غاية المراد في بيان الوجه في سببية دلالة السارق: " إن السبب على ما فسره الفقهاء هو إيجاد ملزوم العلة قاصدا لتوقع تلك العلة، ومنهم من يفسره بأنه فعل ما يحصل عنده التلف لكن لعلة غيره، فهو أعم من الأول، لامكان سبب آخر بدل منه ".
وقال في جامع المقاصد: " عرف في الدروس السبب بأنه فعل ملزوم العلة، وقريب منه ما ذكره الشارح الفاضل، والمعنى قريب، وقول المصنف: إذا كان السبب مما يقصد لتوقع تلك العلة غير محتاج إليه، بل هو مضر، إذ حفر البئر قد لا يقصد الحافر به توقع العلة الموجبة للتلف ولا قصدها أكثري، مع الضمان قطعا للسببية، وكأنه أراد الاحتراز عما إذا كان حدوث المقتضي للتلف على تقدير ذلك الفعل نادرا، فإنه لا يعد سببا، ولعله أراد بقصده كون شأنه ذلك، وكان الأولى أن يقول: هو إيجاد ما يحصل التلف عنده لكن بعلة أخرى إذا كان السبب مما يتوقع معه علة التلف، بأن يكون وجودها معه أكثريا. واعلم أن شيخنا الشهيد في شرح الإرشاد فسر السبب بتفسيرين - ثم حكى عبارته السابقة وقال -: في الأول نظر، لأنه إنما يصدق في الغاصب إذا قدم