ويمكن تصور وجهين آخرين للصلح: أحدهما وقوعه على أن يوجد المسقط كغيره من الأعمال، وثانيهما إيقاعه على أن لا يأخذ بالشفعة وإن كانت هي حقا له، ولعل عموم الصلح مع عدم ظهور اتفاق على العدم يقتضي الجواز.
إلا أن الأول مع فرض عدم وفائه بما عليه من إنشاء المسقط الذي يفرض توقف السقوط عليه لا يحصل به السقوط حينئذ، لكن لو فعل المصالح ضد ما صولح عليه بأن أنشأ ما يقتضي الأخذ بالحق يترتب على ذلك أثره وإن أثم بعدم الوفاء بالأول أو لا أثر له بعد أن ملك عليه غيره بعقد الصلح؟ وجهان أقواهما الثاني.
وربما يؤيده ما ذكروه في اشتراط عدم العزل في الوكالة وفي اشتراط تحرير العبد فباعه مثلا أو بالعكس، بل وما ذكروه أيضا في منذور الصدقة مثلا وغير ذلك.
وأما الثاني فلا يبعد أنه على النحو المزبور أيضا، فلا يؤثر بعد إنشاء الشفعة المستحق عليه تركها نحو استحقاق عدم العزل عن الوكالة على الموكل مثلا بالاشتراط في عقد لازم.
ومنه يعلم صحة شرط ترك الأخذ به فيه أيضا، فلا يؤثر إنشاؤها بعد ذلك، وليس ذلك من مخالفة الكتاب والسنة، فإن المراد عدم الأخذ بما يستحقه، لا إبطال أصل الاستحقاق.
كما أنه لا ينافي ذلك عدم صحة انتقالها من ذي الحق إلى غيره لو صالح عنها أجنبي على وجه يراد إثبات الشفعة له وإن كان قد يحتمل، لعموم أدلة الصلح فهو حينئذ وإن لم يكن ممن حصل له سبب الاستحقاق بالأصالة لكنه بالصلح استحقه من ذي الحق الذي هو مسلط عليه كتسلطه