فما في الكفاية - من أن هذا التفصيل غير مذكور في الرواية - محل مناقشة إن أراد الرد بها عليه، وإن أراد عدم استفادة ما ذكره منها فحسن إلا أنه لم يستند إليها في ذلك، ولعله أخذه مما قدمناه من الحجة.
وفيه ما لا يخفى من أنه لا حجة تقتضي العدول عن ظاهر قوله (عليه السلام) (1): " بطلت شفعته " وقوله (عليه السلام): (2) " ولا شفعة له " إلى إرادة نفي اللزوم لا الصحة بعد تعبير الأصحاب أيضا بالبطلان الظاهر في الانفساخ لو وقعت وعدم استحقاق لها إن لم تقع. لكن مع بقاء طلب المشتري إرادة الثمن من الشفيع، لأن ذلك هو ظاهر النص (3).
أما لو رضي بالتأخير في ابتداء الأمر أو في أثناء الثلاثة فلا يندرج في النص (4) المزبور، فيبقى على ما تقتضيه القواعد من الصحة، بخلاف ما لو مضت الثلاثة وهو مستمر على طلب الثمن فلم يأت به الشفيع، فإن ظاهر النص حينئذ عدم الاستحقاق والانفساخ، فلو رضي بعد ذلك لم يجد في ثبوت حق الشفعة أو في بقاء الثمن في ذمة الشفيع، كما لو كان في الابتداء مثلا، خصوصا بعد إمكان الفرق بينها وبين العقد الذي له جهة صحة ولزوم، بل قاعدة الضرر ونحوها إنما تزلزل لزومه الذي هو مناط الضرر.
ومن هنا ينصرف ما دل على نفي الصحة فيه إلى اللزوم بخلاف الشفعة التي هي أشبه شئ بالايقاع وباختيار الفسخ واللزوم ونحو ذلك مما لم يجر فيه التعارف المزبور، فبقاء اللفظ على حقيقته حينئذ أولى، لعدم الصارف عنه.