التنقيح، لقوة السبب على المباشر، بل لو قلنا بجواز رجوع المالك على المشتري باعتبار حصول التلف في يده كان له الرجوع على الغاصب للغرور. فإنه أقدم على أن تكون هذه المنافع له مجانا من غير دفع عوض فهو كما لو قدم إليه طعام الغير وأكله فرجع المالك عليه.
لكن لعل خلافهم هنا يومئ إلى عدم تحقق قاعدة الغرور في المقام، وإلا فلا مدخلية لحصول النفع في مقابلته، إذ ليس هو بأعظم من أكل المغرور الطعام الذي قدم إليه، ومع ذلك جزموا بكون الضمان أو قراره على الغار.
ولعله لذا قال في الرياض: " والقول بعدم الرجوع أوفق بالأصل مع عدم معلومية صلوح المعارض للمعارضة، بناء على عدم وضوح دليل على ترتب الضمان على الغار بمجرد الغرور وإن لم يلحقه ضرر، كما فيما نحن فيه بمقتضى الفرض، لاستيفائه المنفعة في مقابلة ما غرمه، والاجماع على هذه الكلية غير ثابت بحيث يشمل مفروض المسألة، نعم ربما يتوجه الرجوع حيث يتصور له الضرر بالغرور، كما إذا أخذت منه قيمة المنافع أزيد مما يبذله هو في مقابلتها من غير ملكه ونحو ذلك " وإن كان ما ذكره لا يخلو من نظر، ضرورة عدم مدخلية التضمين بقاعدة الغرور في حصول الضرر وعدمه، بل هو من باب قوة السبب على غيره ولو مباشرة.
نعم إنما المتجه ما ذكرناه من منع تحقق الغرور الذي يترتب عليه الضمان، إذ المسلم منه ما يترتب فعل الغير على فعله من حيث المجانية ابتداء، كالإباحة والهبة والعارية ونحوها، بخلاف ترتب فعل المشتري هنا على زعم كونه مالكا الحاصل من وقوع عقد البيع مع البائع، خصوصا مع جهل البائع بالحال كالمشتري، فتأمل.