عبارة الأكثر بوسط الطريق، لاقتصارهم على ذكر الجواد، فالصلاة في نفس الطريق الخارج عن الوسط حقيقة أو عرفا لا كراهة فيها، وهو كما ترى يمكن القطع بخلافه من النصوص، ومن حكمة الكراهة في المقام.
ومن هنا لم يبعد إرادتهم الطريق من الجادة، بل قد يشهد له أيضا مضافا إلى ما عرفت ظهور النصوص في مقابلة الجواد بالظواهر، وقد بان من موثق ابن الجهم (1) أن المراد بالظواهر المنفي عنها البأس ما لا تدخل تحت اسم الطريق، فالمراد بالجواد حينئذ ما دخل تحت اسمه.
وكيف كان فلا ريب في إرادة الكراهة من النهي المزبور بعد الأصل وإطلاقات الصلاة وعموم مسجدية الأرض والاجماعات المحكية المعتضدة بالشهرة العظيمة، والتعبير بلفظ " يكره " و " لا ينبغي " في الخبرين السابقين الذي إن لم يكن حقيقة في إرادة المعنى المصطلح فلا ريب في ظهوره فيه ولو بضميمة ما عرفت، ودرجه في معلوم الكراهة عندنا في مرسلي العشرة وخبر المناهي ومرسل الخصال، بل لا ينكر ظهور الأخير كما لا يخفى على العارف بلغاتهم (عليهم السلام)، فما عن الفقيه " لا تجوز في مسان الطرق وجواده " والمقنعة والنهاية " لا تجوز في جواد الطرق، وأما الظواهر فلا بأس " ضعيف إن لم يريدوا بذلك الكراهة أيضا، وإن احتج لهم في كشف اللثام بظاهر الأخبار الكثيرة التي لم يظفر بمعارض لها إلا عموم مسجدية الأرض في خبري النوفلي (2) وعبيد بن زرارة (3) إلا أنك قد عرفت غير ذلك مما يعارضها.
ثم لا يخفى أن مقتضى إطلاق النص والفتوى عدم الفرق في الجواد أو الطرق بين كثرة الاستطراق وقلته، إلا أن يهجر، فلا يطلق عليه اسم الطريق والجادة فعلا،