وحرمة التصرف في مال الغير من الضروريات - يرفعه التأمل الجيد فيما ذكرناه، وأن مرجع هذا التصرف إلى التحريك المزبور، وليس المدار على إطلاق التصرف فيه في العرف الذي لم يلتفت إلى التحليل المذكور، ومن ذلك يظهر لك الحال في حمل المغصوب الذي أبطل الصلاة به أيضا جماعة، بناء منهم إما على مسألة الضد أو على الاتحاد المذكور، وفيهما معا ما عرفت، فالمتجه فيه حينئذ الصحة إن لم يقم إجماع أو غيره من الأدلة المعتبرة، والظاهر عدم قيام شئ منها له، لأن المتعرض له بعض المتأخرين كالفاضل وبعض من تأخر عنه، خصوصا مع ذكر بعضهم المستند لذلك مما عرفت فساده، نعم يمكن دعوى تحققه في الساتر منه بل وفي غيره، لكن قد يورث التردد فيه الاستدلال عليه من جماعة بما سمعت النظر فيه من مسألة الضد والاتحاد ونحوهما، إلا أن الاحتياط لا ينبغي تركه في مثل المقام الذي قد يقال فيه إنه لا أقل من الشك، لجميع ما سمعته سابقا في تناول الاطلاقات المقتضية للصحة لمثله، فيبقى شغل الذمة مستصحبا.
هذا كله في العالم بالغصب وحرمته، أما الجاهل بهما أو بالأول منهما فالوجه فيه الصحة، لعدم النهي المقتضي للفساد بسبب اتحاد الكونين، أو لانتفاء الشرط الذي هو الستر المأمور به، وكذا لو جهل بها خاصة جهلا يعذر به كغير المتنبه بغير تقصير منه، بخلاف غير المعذور منه الذي هو كالعالم في العقاب الذي عليه يترتب الفساد هنا، واحتمال انحصار إثمه بترك السؤال خاصة، فلا عقاب عليه في الخصوصيات قد بينا ضعفه سابقا، وإطلاق بعضهم البطلان هنا لجهل الحرمة كاطلاق عدمه من آخر محمول على التفصيل المزبور، وجهل البطلان هنا لا أثر له كنسيانه، لأن المدار على علم الحرمة كما هو واضح، ولعله المراد من إطلاق بعضهم البطلان مع العلم بالغصب وإن جهل الحكم أو هو مع الحرمة إذا لم يكن معذورا، والجهل بأسباب الغصب وما في حكمه من أحكام المعاملات ونحوها لا يعذر فيه إلا غير المقصر، كالجهل بالحرمة الذي منه أو في حكمه