مكرها على الكون في المكان لحبس بباطل من المالك أو غيره لا على هيئة مخصوصة أو خوف على النفس أو غير ذلك من وجوه الاكراه تصح منه صلاة المختار، ضرورة عدم الفرق بينه وبين المأذون في الكون بعد اشتراكهما في إباحته وحليته، نعم لو استلزمت الصلاة تصرفا زائدا على أصل الكون لم يجز، لعدم الإذن فيه، لا ما إذا لم تستلزم، فإنها حينئذ أحد أفراد الكون الذي فرض الإذن فيه، على أن القيام والجلوس والكون والحركة وغيرها من الأحوال متساوية في شغل الحيز، وجميعها أكوان، ولا ترجيح لبعضها على بعض. فهي في حد سواء في الجواز، وليس مكان الجسم حال القيام أكثر منه حال الجلوس، نعم يختلفان في الطول والعرض، إذ الجسم لا يحويه الأقل منه ولا يحتاج إلى أكثر مما يظرفه كما هو واضح بأدنى تأمل.
ومن الغريب ما صدر من بعض متفقهة العصر، بل سمعته من بعض مشائخنا المعاصرين من أنه يجب على المحبوس الصلاة على الكيفية التي كان عليها أول الدخول إلى المكان المحبوس فيه، إن قائما فقائم، وإن جالسا فجالس، بل لا يجوز له الانتقال إلى حالة أخرى في غير الصلاة أيضا، لما فيه من الحركة التي هي تصرف في مال الغير بغير إذنه، ولم يتفطن أن البقاء على الكون الأول تصرف أيضا لا دليل على ترجيحه على ذلك التصرف، كما أنه لم يتفطن أنه عامل هذا المظلوم المحبوس قهرا بأشد ما عامله الظالم بل حبسه حبسا ما حبسه أحد لأحد، اللهم إلا أن يكون في يوم القيامة مثله، خصوصا وقد صرح بعض هؤلاء أنه ليس له حركة أجفان عيونه زائدا على ما يحتاج إليه " ولا حركة يده أو بعض أعضائه كذلك، بل ينبغي أن تخص الحاجة في التي تتوقف عليها حياته ونحوها مما ترجح على حرمة التصرف في مال الغير، وكل ذلك ناش عن عدم التأمل في أول الأمر والأنفة عن الرجوع بعد ذلك، أعاذ الله الفقه من أمثال هذه الخرافات، وأغرب شئ دعواهم أن الفقهاء على ذلك، ولم يتأمل أنهم لو أرادوا ذلك