أن في النصوص التقدم والأمام والجنب واليمين واليسار أيضا مما لا إشكال في صدقه، وأن المراد الجهة، نعم العبرة في التقدير بضلع الثلث بين الذاتين أورث زاوية أو لا، لعدم صدق بينهما حقيقة إلا بذلك، واحتمال إرادة الجهة حتى في التقدير فلا يعتبر الزوايا لا شاهد له، بل هو خلاف المعنى الحقيقي للفظ " بينهما " وكذا الظاهر عدم اعتبار نفس الحائط ونحوه من المرتفع، ضرورة ظهور إرادة البعد المسافي، وإلا لاجتزي بحفرة بينهما تبلغ ذلك وإن كان الذي بينهما لولا الحفرة ذراعا مع احتماله، لكن الأقوى الأول.
ومن ذلك كله يعلم ما في محتمل الشيخ والمصنف المتقدم سابقا من الاجتزاء بتقدم الرجل بالشبر ونحوه، بل ربما جزم غيرهما من متأخري المتأخرين به وبزوال المنع بالتقدم بالصدر ونحوه، ولعله لعدم صدق المحاذاة حينئذ، مضافا إلى النصوص السابقة، وربما يوافقه في الجملة قول المصنف: " ولو كانت وراءه بقدر ما يكون موضع سجودها محاذيا لقدمه سقط المنع) * كاللمعة، بل قيل: وقول المفيد: " تصلي بحيث يكون سجودها تجاه قدميه في سجوده " بل قد يظهر من المحكي عن المنتهى أنه من المجمع عليه، حيث أنه بعد أن حكى الاجماع على صحة صلاتيهما مع الحائل والأذرع قال: " وكذا لو صلت متأخرة عنه ولو بشبر أو قدر مسقط الجسد " بل قد يوهم كلام بعضهم أن ما في النافع وفوائد الشرائع وحاشية الإرشاد من التقدير بمسقط الجسد يرجع إليه أيضا، لتحققه بدون التأخر تماما، وفيه منع واضح، بل ظاهرها خصوصا فوائد الشرائع أن المراد به تأخرها عنه تماما بحيث لا يحاذي جزء منها جزءا منه، بل لعل عبارة المقنعة والمتن واللمعة يراد منها ذلك كما في كشف اللثام بحمل المحاذاة فيها على قرب المحاذاة أو نحو ذلك، وإلا فيعتبر التأخر تماما كما هو صريح الشهيد الثاني والمحكي عن الميسي، ولعله لموثق عمار السابق، وصدق اليمين والجنب ونحوهما على غير المتأخر تماما، ولا يعارضهما