النصوص إنما أفادت رفع الوجوب، وبأن الغالب في الظن صدور ذلك مصدر التقية، لأن المحكي عن عمر أنه كان يضرب الأمة لذلك، وقد ضرب أمة لآل أنس، وقال لها: لا تشبهي بالحرائر، بل في الخبر المزبور إشارة إلى ذلك، بل قد يؤيده أيضا أن الضرب أذبة لا يجوز أن يرتكب إلا لفعل حرام أو ترك واجب، وليس عدم الستر واجبا، إذ لا قائل به سوى الصدوق في ظاهره كما عرفت، وقد ورد النهي الشديد (1) عن ضرب المملوك، والأمر بالعفو عنه (2) حتى أنهم أمروا بالعفو عنه سبعين مرة (3) وعن ضربه في النسيان والزلة فضلا عن إرادة الستر والعفاف والحياء، مع أن ظاهر الروايات أن الضرب كان من دون أن يتقدم إليهن بالمنع، ولا كان منهن إصرار، كما صنع عمر بأمة آل أنس، ومعرفة المملوكة من الحرة في الصلاة ما الباعث عليها، على أنها معروفة بلا شبة، وكل ذلك وغيره شواهد على التقية، اللهم إلا أن يكون هناك حكمة خفية، فالحكم بالكراهة حينئذ لهذه النصوص لا يخلو من شئ، كالحكم بندب الكشف كما في منظومة الطباطبائي، بل والحكم بعدم استحباب الستر كما في المدارك، ولعله ظاهر الذكرى، أو الكراهة أو التردد، وليس التسامح في الكراهة أولى من التسامح في استحباب الستر الذي هو مخالف لفعل عمر، والأمر سهل، هذا.
ولا يندرج في الأمة نصا وفتوى المبعضة، فتبقى حينئذ على إطلاق الستر للنساء في الصلاة، قيل: وربما كان في صحيح ابن مسلم (4) إشعار به، قال: " سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: ليس على الأمة قناع في الصلاة ولا على المدبرة ولا على