الأيسر، ثم يرده ثانية من خلفه على يده اليمنى وعاتقه الأيمن، فيغطيهما جميعا، وعن أبي عبيدة أن اشتمال الصماء عند العرب أن يشتمل الرجل بثوب يجلل به جسده كله، ولا يرفع جانبا يخرج منه يده، قال بعض اللغويين: وإنما قيل صماء لأنه إذا اشتمل به سد على يديه المنافذ كلها كالصخرة الصماء، قال بعضهم: إنما كان غير مرغوب فيه لأنه إذا سد على يديه المنافذ فلعله يصيبه ما يريد الاحتراس منه، فلا يقدر عليه، وقال أبو عبيدة: إن الفقهاء يقولون: إن اشتمال الصماء هو أن يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فيبدو فرجه، وفي القاموس فسره تارة بهذا المعنى، وأخرى بالمعنى الأول، وما في الحديث لا ينافي شيئا من هذه التفاسير " انتهى، إذ هو كما ترى - مع أن ما في الحديث لا إجمال فيه - هو غير هذه التفاسير كلها.
ولقد أجاد في كشف اللثام حيث أنه - بعد أن حكى ما سمعته عن أبي عبيدة ناسبا له إلى الديوان وأدب الكاتب وفقه اللغة للثعالبي والفائق والمغرب والمعرب وإلى تهذيب الأزهري، والغريبين نسبته إلى الأصمعي، ثم قال: وهو ما في الصحاح إلى آخره، ونحوه المحيط للصحاب، وفي العين أن الشملة أن يدير الثوب على جسده كله لا يخرج منه يده، والشملة الصماء التي ليس تحتها قميص ولا سراويل، وقال أبو عبيدة:
إن الفقهاء إلى آخره - قال: " وقيل غير ذلك، ولا طائل في استيفائه، فإنما العبرة عندنا بما نطق به الخبران " مشيرا بهما إلى الصحيح المزبور باعتبار روايته في الكافي والتهذيب بسندين عن زرارة مختلفين.
وأما الثاني فلا أجد فيه خلافا بين أصحابنا سوى ما حكاه في الفقيه، فقال:
" سمعت مشائخنا يقولون: لا تجوز الصلاة في طابقية، ولا يجوز للمعتم أن يصلي إلا وهو متحنك " وربما نسب إليه نفسه ذلك أيضا، ولعله لما وقع له في غير المقام من نحو ذلك