وبين الدابة في ذلك بالضيق وعدمه، لا أنه لا تشرع النافلة فيها إلا مع تعذر الشرط كما قلناه في الفريضة. وكيف وقد سبق ظهور كلمات جملة من الأصحاب في جواز ذلك في الفريضة فضلا عن النافلة كما تقدم البحث فيه مستوفى. فما عساه يلوح من الديلمي كما قيل من اشتراط ذلك في النافلة أيضا لا ريب في ضعفه، بل وكذا ما عن المبسوط والنهاية من اشتراط جواز استقبال الصدر بما إذا لم يتمكن من استقبال القبلة فيها، فتخالف الراحلة حينئذ من هذا الوجه، نعم تساويها فيما نص الشيخ عليه من الجواز، وإن أمكنه الخروج إلى الجدد البري، وعن الوسيلة " يجوز له أن يصلي النافلة في السفينة، وإن راعى القبلة كان أفضل " ولعله بناه على ما سمعته من مذهبه من عدم اشتراط الاستقبال في النافلة مطلقا.
ثم لا يخفى أن الظاهر من كل من أطلق الاستثناء وصريح بعضهم إرادة سقوط الاشتراط في الأحوال المستثناة لا الانتقال إلى بدل تجري عليه أحكام القبلة بحيث لو ترك استقباله بطلت صلاته وإن كان إلى القبلة في وجه، أو ما لم يكن للقبلة، وما في بعض العبارات أن قبلة الراكب طريقه ومقصده، كالذي في آخر من أن قبلته رأس دابته حيث ما توجهت محمول على إرادة بيان الرخصة في الترك والبقاء على حاله الغالب من غير تكلف انحراف طلبا للقبلة، وكذا ما في النصوص السابقة من الصلاة إلى حيث ما كان متوجها أو إلى حيث ما توجهت دابته أو إلى صدر السفينة، لا أن المراد وجوب ذلك بدلا عن القبلة، فلو توجه حينئذ حال صلاته إلى غير رأس دابته أو طريقه بأن كان متوركا كما هو المتعارف في الركوب على ما قيل بين أهل الحسا والقطيف صحت صلاته عندنا، حتى لو فرض توجه الدابة والطريق إلى القبلة فضلا عن غيره، بل ينبغي القطع به لو كان العدول عن توجه الدابة مثلا إلى القبلة، قال في المحكي عن التحرير والمنتهى: قبلة المصلي على الراحلة حيث توجهت، فلو عدل إلى القبلة جاز إجماعا،