ما علمه، ولو عاد الغيم في الحال لم يحكم هنا ببطلان الصلاة إلى الجهة الأخرى، ويمكن ذلك إن لم يكن الاجتهاد الأول باقيا ولا يجدد غيره، وإن كان باقيا فلا، وإن تجدد غيره استأنف، ولو كان المصلي في إحدى الزوايا التي بين الجهات الأربع فظهور الكوكب الأفقي لا يبطل استمراره أيضا في الحال، بل بعد اعتبار العلو والانخفاض مراعيا ما سلف، فيستمر مع إصابة القبلة وما في حكمها، ويستأنف مع عدمها إن بقي الوقت أو مطلقا لو كان مستدبرا على القول به، ولو عاد الغيم فإن قطع على مخالفة قبلته وما في حكمها أعاد إلى الجهات التي يعلم معها إصابة القبلة، وإن لم يقطع على المخالفة فالبناء متعين وفي الصلاة إلى جهة أخرى الاحتمال، فيراعي جهتين ليس فيهما محض المشرق والمغرب، والله أعلم.
المسألة الخامسة قد ظهر مما قدمنا أنه لا بأس بائتمام المجتهدين بعضهم ببعض وإن تضادوا في الاجتهاد أو اختلفوا بالكثير فضلا عن الاختلاف اليسير، لصحة صلاة كل واحد منهم واقعا بقاعدة الاجزاء وغيرها مما عرفته سابقا وفاقا لكشف اللثام، ولم يستبعده في التذكرة والمدارك، وخلافا للشيخ وجماعة، بل قيل الأكثر كالفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم، فهو حينئذ كالجماعة حول الكعبة أو في شدة الخوف، وما في الذكرى - من منع الاقتداء حالة الشدة مع اختلاف الجهة، ولو سلم فالاستقبال فيه ساقط بالكلية بخلاف المقام، ومن ظهور الفرق بين المصلين إلى نواحي الكعبة وبين المجتهدين بالقطع بأن كل جهة قبلة هناك والقطع بالخطأ هنا، وكذا نقول في صلاة الشدة أن كل جهة قبلة - كما ترى في غاية الضعف، ضرورة اشتراك الجميع في ذلك، فكما أن كل جهة من الكعبة قبلة فكذا قبلة كل مجتهد ما أداه إليه اجتهاده، فكما تصح صلاة كل ممن حول الكعبة قطعا للاستقبال تصح صلاة هؤلاء قطعا، وكما يقطع بصحة صلاة المصلين في شدة الخوف للاستقبال، أو لعدم اشتراطه في حقهم فكذا صلاة هؤلاء،