وحينئذ قد يتوقف في الحكم بالتذكية بمجرد كونه في يد المسلم وإن ظن أو احتمل إرادة الالقاء، بل ظاهر بعض عبارات الأستاذ في كشفه الجزم بالعدم، ودعوى ظهور القبض في التصرف المحرم بالميتة ظهورا معتبرا شرعا يمكن منعها، خصوصا مع ملاحظة أصالة عدم التذكية التي لم يعلم انقطاعها بمثل ذلك، ضرورة كون المعلوم من الأدلة فعل المسلم كبيع ونحوه، ومن ذلك يمكن استفادة كون المراد بأصالة صحة فعل المسلم الحكم بالصحة واقعا لا في حقه خاصة، ولعله كذلك بالنسبة إلى كل ما علم حصول الفساد بسببه، أما مع اختلاف الاجتهاد أو التقليد فحمل الفعل فيه على الصحة حينئذ في حق المخالف بالاجتهاد لا يخلو من تأمل، إذ كل منهما صحيح وإن كانت السيرة والعمل على ذلك أيضا، كما هو واضح، لكن لا يخلو من إشكال، بل قد يشعر خبر أبي بصير (1) الآتي باعتبار عدم اعتقاد الفساد في أصالة صحة القول والفعل، وهو لا يخلو من وجه في غير الأمور العامة البلوى التي قضت السيرة فيها بالصحة واقعا وإن كان مخالفا في الاعتقاد، ولتحقيق المسألة محل آخر.
وكيف كان فقد ظهر من النصوص المزبورة صحة ما ذكرناه جميعه، ومن الغريب طرح جماعة منهم الشيخ على ما قيل والفاضل والمحقق الثاني بعض النصوص السابقة، وتقييد آخر في مقابلة أصالة عدم التذكية، فمنع من إباحة ما في يد مستحل الميتة بالدبغ وإن أخبر بالتذكية كما عن صريح الثاني منهم وغيره، بل صريح الأولين المتهم بذلك أيضا، كالمحكي عن نهاية الإحكام وكشف اللثام أن الأقرب عدم إباحة ما في يد المسلم المجهول حاله بعد أن ذكرا فيه وجهين كالتذكرة، كل ذلك للأصل الذي يقطعه أدنى دليل فضلا عن تلك النصوص الواضحة الدلالة المعتضدة بفتوى الأكثر كما عن كشف الالتباس، والمشهور فتوى ورواية كما عن روض الجنان، وعليه عمل الأصحاب