فيه من أن الأعمى يصلي إلى الأربع ولا يرجع إلى غيره، فحينئذ إذا صلى إلى واحدة منها فعلم أنه أصاب فيها صحت صلاته قطعا وسقط عنه الباقي كالمتحير، بل لعل ما حكاه في ذكرى عنه من إطلاق الاجزاء فيما نحن فيه مع ضيق الوقت مبني على ذلك أيضا، نعم ينبغي تقييده بما إذا لم يكن خطأه إلى دبر القبلة، بناء على ما ستعرفه من مذهبه، وإليه أومأ في الذكرى حيث أنه بعد أن حكى ذلك عنه قال: وهو بعيد مع كونه مخطئا إلا أن يكون المقلد مفقودا، أو لم يصل إلى دبر القبلة عند الشيخ، ثم قال: ولو أصاب هنا فكالأول فيما قاله الشيخ وقلناه، نعم لو فقد المقلد صح هنا قطعا.
قلت: قد عرفت الحكومة بينه وبين الشيخ، ونزيد هنا بكشف الحال في سائر الشرائط التي لم يظهر من الأدلة اعتبار سبق العلم بحصولها، فنقول إنها إن كانت لمعاملة فلا يقدح الجهل ابتداء بحكمها، وحصولها في صحتها إذا فرق مصادفتها لها، لعدم اشتراط نية القربة فيها، وكذا إن كانت شرطا لعبادة مع العلم بحصولها والجهل بحكمها، وليس من عبادة الجاهل الموافقة للواقع التي جزم المشهور بفسادها، أما مع الجهل بالحصول سواء علم بالحكم أو لا فإن أدى ذلك إلى عدم حصول نية القربة بطل العمل، وإلا صح وكفى مجرد المصادفة للواقع كما هو واضح فيما نحن فيه مع فرض عدم ظهور الأدلة في اعتبار العلم أو الظن بالقبلة في ابتداء العمل، وفرض عدم تزلزل في نية القربة المتجه فيه الصحة حينئذ، فتأمل جيدا.
وكيف كان فلو صلى الأعمى مقلدا ثم أبصر في الأثناء فإن كان عاميا فرضه التقليد أيضا استمر، وإن كان ممن يتمكن من الاجتهاد في أثناء الصلاة بحيث لا تبطل به اجتهد وجوبا على الظاهر، لتغير موضوعه وشرطية القبلة للكل والبعض، فإن وافق فلا بحث، وكذا لو ظهر له أنه منحرف يسيرا فإنه يستقيم وتصح صلاته لما ستعرف، وأما إن كان منحرفا إلى اليمين واليسار استأنف الصلاة، وأولى منه إذا كان مستدبرا،