والحاصل المآكل التي علل في الصحيح عدم السجود عليها " بأن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون " معلومة معروفة لا تدور مدار الاعتياد المختلف في الأزمنة والأمكنة والأحوال وعدمه، وليس منها عقاقير الأدوية قطعا، ولا ما يؤكل عند المخمصة، فما في كشف اللثام من أن فيما يؤكل دواء خاصة إشكالا في غير محله، إذ احتمال صدق اعتياد الأكل في حال الاحتياج إلى الدواء كما ترى، بل لعل ما صرح به غير واحد من الأصحاب - من أن ما له حالتان يؤكل في إحداهما ولا يؤكل في الأخرى كقشر اللوز وجمار النخل جاز السجود عليه في الثانية دون الأولى - لا يخلو من نظر، فإن احتساب ذلك من المخلوق للأكل المعد له الذي يطلق عليه أنه مآكل أهل الدنيا كما ترى.
ولا تشمل المأكولية شرب التنباك قطعا، أما شرب القهوة فلا يخلو من وجه قد يقوى خلافه، بناء على ما عرفت، ومصداق النبات معلوم، لكن قد يشك في بعض ما ينبت على وجه الماء مما لا أصل له في الأرض، وقد يقال أنه لا بد من أجزاء أرضية في منبته، بل لعل المراد صنف نبات الأرض وما من شأنه أن ينبت فيها، فيندرج فيه المخلوق معجزة نابتا في غير الأرض أو غير نابت أصلا، هذا.
وكأن المصنف اكتفى عن اشتراط عدم الملبوسية في النبات التي هي كالمأكولية في الاشتراط نصا وفتوى - بل عن نهاية الإحكام وكشف الالتباس نسبته إلى علمائنا، بل عن الإنتصار والخلاف والغنية والروض والمقاصد العلية الاجماع عليه، والأمالي أنه من دين الإمامية، والكفاية لا خلاف فيه - بقوله: * (وفي القطن والكتان روايتان، أشهرهما المنع) * لعدم ملبوسية غيرهما من النبات عادة، فلا إشكال حينئذ في جواز السجود عليه، لوجود المقتضي وارتفاع المانع، واعتياد اتخاذ النعل في ذلك الزمن من النخل لا يصيره بذلك ملبوسا عادة، ولذا سجد النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) والصحابة والتابعون وتابعوا التابعين على الخمرة من الخوص، كما أنه لو اتخذ منه في هذا